للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= ما تشتريه، فإذا رضيته وضعت الثمن في المغرفة وأخذت ما فيها لئلاّ يراها. فنال الناس من ذلك شدّة عظيمة» (تاريخ مختصر الدول ١٨٠). وقال أيضا: «حرّج الحاكم خليفة مصر على المرأة الخروج من بيتها والإشراف من الباب أو من النافذة والسطح على الغادين والرائحين. ونهى السكافين أن يخيطوا أحذية نسائية. وقد ساقه إلى ذلك اطلاعه على فواحش المصريات وخلاعتهنّ. وتذرّع في أول الأمر بعجائز اتّخذهن جاسوسات ينسبن ويدخلن البيوت ويطّلعن على أسرار النساء ويخبرنه عنهنّ وعمّن يختلف إليهن. وكان الحاكم يبعث حاجبه مع الجنود إلى بيت كائن من كان من الأعيان أو العامة، فيقولون له: أخرج لنا فلانة، ويسمّون اسمها امرأة أو أختا أو بنتا ويمضون بها إليه. وكان إذا اجتمع عنده خمس أو عشر منهنّ أمر بإغراقهنّ في نهر النيل. ومن ثم افتضحت أسرار العواهر المصريات وأمسين هدفا للعار والشنار ووقع رعب الحاكم على الرجال والنساء أكثر من فرعون» (تاريخ الأزمنة ٧٨). وقال ابن الجوزي في حوادث سنة ٤٠٥ هـ‍: «وفي جمادى الآخرة ورد الخبر بأن الحاكم صاحب مصر حظر على النساء الخروج من منازلهنّ والاطلاع من سطوحهنّ ودخول الحمّامات ومنع الأساكفة من عمل الخفاف لهنّ وقتل عدّة نسوة خالفن أمره في ذلك. وكان الحاكم قد لهج بالركوب بالليل يطوف الأسواق ورتب في كل درب أصحاب أخبار يطالعونه بما يعرفونه ورتّبوا لهم عجائز يدخلن الدور ويرفعن إليهم أخبار النساء وأنّ فلانا يحبّ فلانة، وفلانة تحب فلانا، وأن تلك تجتمع مع صديقها وهذا مع صاحبته، فكان أصحاب الأخبار يرفعون إليه ذلك فينفذ من يقبض على المرأة التي سمع عنها مثل ذلك، فإذا اجتمع عنده جماعة منهنّ أمر بتغريقهنّ، فافتضح الناس وضجّوا من ذلك، فأمر برفعه والنداء بأنه متى خرجت المرأة من منزلها أباحت دمها، ورأى بعد النداء عجائز ظاهرات فغرّقهنّ فكانت المرأة إذا ماتت كتب وليّها رقعة إلى قاضي القضاة يلتمس غاسلة لغسلها فتوقّع إلى صاحب المعونة إذا صحّ عندك وفاة المرأة المذكورة أمرت رجلين من ثقاتك أن يحملوا الغاسلة تغسّلها ثم تعاد إلى منزلها. ثم همّ بتغيير هذه السّنّة، فاتّفق أن مرّ قاضي القضاة مالك بن سعيد الفارقي ببعض المحالّ، فنادته امرأة من روزنة لها وأقسمت عليه بالحاكم وآبائه أن يقف لها، فوقف، فبكت بكاء شديدا وقالت: لي أخ لا أملك غيره وعرفت أنه في آخر الرمق وأنا أقسم عليك إلاّ أمرت بحملي إليه لأشاهده قبل أن يقضي نحبه، فرحمها ورقّ لها، وأمر رجلين من أصحابه أن يحملاها إلى الموضع الذي تدلّهما عليه، فأغلقت باب دارها وتركت المفتاح عند جارة لها، وقالت: سلّميه إلى زوجي، ومضت إلى باب فدقّته فدخلت وقالت للرجلين: انصرفا. وكانت الدار لرجل يهواها وتهواه، فلما رآها سرّ بها فأخبرته بالحيلة التي نمت بها، فلما انصرف زوجها آخر النهار وجد بابه مغلقا فسأل الجيران فأخبروه بالحال وبما جرى لها مع قاضي القضاة فدخل إلى بيته فبات في أقبح ليلة، ثم باكر في غد دار قاضي القضاة فأعلن بالاستغاثة، فأحضر فقال: أنا زوج المرأة التي فعلت أمس في بابها ما فعلته ومالها أخ، وما أفارقك حتى تردّها إليّ. فعظم على قاضي القضاة ما =

<<  <   >  >>