ومنهم الشيخ زامل بن سلطان، الذي رحل إلى الحجاوي في الشام، وإلى ابن النجار الفتوحي في مصر، وكذلك الشيخ أبو نُمي التميمي الذي رحل إلى الشيخ مرعي بن يوسف مؤلف "الغاية" و"دليل الطالب".
فأمثال هؤلاء العلماء النجديين الكبار بلغوا في العلم مبلغاً كبيرًا، وانتهت إليهم الرئاسة العلمية في بلدان نجد، فهم قد حملوا راية المذهب الحنبلي عن بصيرة وتحقيق، فأثروا في أهل بلادهم، فصار جمهور النجديين حنابلة منذ نهاية القرن العاشر تقريباً.
فالخلاصة: أن الشام كانت صاحبة الفضل بعلمائها وكتبها النفيسة في تصدير المذهب الحنبلي في هذه الفترة إلى الجزيرة العربية وبعثه حيا، فتيا، كما كانت بغداد من قبل صاحبة الفضل على الشاميين في نشر المذهب في بلادهم.
• كيف استقر المذهب الحنبلي في البلاد النجدية؟
تشغل نجد الجزء الأكبر من وسط الجزيرة العربية. وهي عبارة عن هضبة واسعة، يتراوح ارتفاعها بين (٧٥٠) و (١٠٠٠) م، وتبرز فيها سلسلة جبال طويق، ويقطعها عدد من الوديان، من أهمها وادي الرمة، ووادي حنيفة ووادي الدواسر (١)
وأهم القبائل العربية التي تسكنها: عنزة، وعتيبة، وحرب، ومطير، وتميم، وشمر، والدواسر.
ونَجْد هي مهد الدعوة الإصلاحية التي قام بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله- وفيها بيت آل سعود، ذلك البيت العربي الأصيل، الذي كتب الله على أيدي زعمائه إنقاذ الجزيرة العربية من التفرق، وجمع كلمتها على كتاب الله وسنة رسوله.
ولنا أن نتساءل عن كيفية استقرار المذهب الحنبلي في الديار النجدية بعدما أخذنا لمحة عن سبب انتشار هذا المنهب السَّني في تلك الربوع.
الواقع أن نجداً كانت تزخر بعدة مراكز علمية تتوزعها، منها: العُيينة، وأُشيقر، ومقرن، وعنيزة، وغيرها من المدن المنتشرة في نجد.
(١) الموسوعة العربية الميسرة، دار نهضة لبنان، بيروت، ١٩٨١.