أما في "المغني" فقد اتبع ترتيب الأصل، وهو"مختصر الخرقي"، وهو يختلف شيئًا قليلاً في الترتيب وفي تسمية بعض العناوين، فنجده يدرج كتاب الإقرار في ضمن المعاملات المالية، كما يؤخر الوديعة عن المعاملات المالية، ويدرجها فيما بين الميراث والنكاح، ويجعل العتق آخر الكتب، ويجعل كتاب السبق والرمي بين الصيد والأيمان، وهو من المعاملات المالية. كما أننا نجد فيه كتاب قسم الغنيمة والفيء والصدقة، وهو كتاب وزعه المتأخرون على الجهاد والزكاة. وكتاب الأضاحي، وهو يندرج عند المتأخرين ضمن كتاب الحج لمناسبته للهدي، كالعقيقة. وكتاب الكفارات وهو يتوزع عند المتأخرين على عدة كتب، كالصيام، والقتل، والأيمان، والظهار.
وفي الجملة نجد المتقدمين يختلفون بعض الإختلاف مع المتأخرين في الترتيب، وفي العناوين، كما نلاحظ ذلك في "مسائل عبد الله" وفي كتاب "الروايتين والوجهين" لأبي يعلى، "والإرشاد" للشريف أبي علي بن أبي موسى.
التأليف في موضوعات فقهية مفردة:
وذلك، كأن يجرد المؤلف كتاباً من الكتب الفقهية التي سبقت الإشارة إليها، ويصنف فيه تصنيفاً مستقلاً، أو يصنف في باب من أبواب ذلك الكتاب، أو في فصل، أو في مسألة. وقد يكون عنوان الموضوع المفرد في التأليف غير معروف في فهارس الموضوعات للكتب الفقهية الجامعة، وذلك مثل: أحكام النساء، وأحكام الخواتيم، والأقسام التي أقسم بها النبي - صلى الله عليه وسلم - ... إلخ
والتأليف في الموضوعات المفردة عند الحنابلة سُنَّة سنها الإمام أحمد نفسه في التصنيف الفقهي وغيره. فقد سبق التعريف بكتبه التي ألفها، وإذا لاحظنا عناوينها الدالة على محتوياتها نجد أكثرها مفردات في علوم مختلفة، وذلك كـ:"فضائل الصحابة" و"الناسخ والمنسوخ" و"الفرائض" و"الإمامة" و"نفي التشبيه" و"المناسك" الكبير والصغير، و"الأشربة" و"الوقوف والوصايا" و"أحكام النساء" و"الترجل" و"الإرجاء". وغير ذلك.
وقد طَبَعت هذه المصنفات في نفوس أصحاب الإمام أحمد فكرة التصنيف في الموضوعات المفردة المستقلة، وعلى وجه أخص فإننا نجد في طبقات المتقدمين منهم اهتمامًا كبيرًا بهذا اللون من التأليف، لشدة تأثرهم بسيرة الإمام المبجل في العلم والعمل، حتى إنهم ألفوا كتباً كثيرة تحت نفس العناوين التي سبقت الإشارة إليها.