ثم غلامُه أبو بكر عبد العزيز في كتابيه الشافي وزاد المسافر، ثم أبو عبد الله الحسن بن حامد في كتابه الجامع.
ثم انتشر هذا المذهب في العديد من الأمصار والأقطار الإسلامية، بعد القرن الخامس، لا سيما في بلاد الشام ومصر، ثم في نجد في أواسط القرن العاشر.
وبرز فيه أعلام طبقت شهرتهم الآفاق، وانتفع الناس بعلمهم على مسترسل الأزمان، كالقاضي أبي يعلى الفراء وأصحابه البغداديين، وأبي محمد عبد الله ابن قدامة المقدسي ثم الدمشقي الصالحي، صاحب المغني الكتاب العجاب الذي شرح فيه الخرقي، وشيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية، وتلميذه شمس الدين ابن قيم الجوزية، والحافظ ابن رجب الحنبلى البغدادي، وغيرهم كثير. فخدموا هذا المذهب خدمة جليلة في مختلف أدواره من النشأة إلى النمو إلى الإنتشار إلى الإستقرار، في مختلف الوجوه التي خُدم فيها الفقه الإسلامي عموماً.
فمهدوا أصوله وحرروها غاية التحرير، وحققوا ما فيه من اختلاف الروايات والأقوال، وخرَّجوا كثيراً من الفروع على نصوص إمامه أو أصوله، واحتجوا لكل مسألة من النصوص والقياس في المصنفات المذهبية والخلافية، وقعَّدوا قواعده وما يلحق بها من الأشباه والنظائر والفروق، وجردوا مفرداته التى انفرد فيها عن الذاهب الأخرى، وصنفوا في أحاديث الأحكام وفي مسائل الخلاف.