للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محتاجاً إلى مثله، فإنه صحيح ما أطلقه الشيخ الموفّق في "المقنع" ... وأما ما قطع به الشيخ في "المقنع" من الحكم أو قدّمه أو صححه، وذكر أنه المذهب، وكان موافقاً للصّحيح، ومفهومه مخالفاً لمنطوقه، فإنه لم يتعرض إليه غالبا، ولم يذكره في "التنقيح". فاحتاج مَنْ عنده "التنقيح" أن يكون عنده "المقنع". فاستخرت الله تعالى أن أجمع مسائلهما في كتاب واحد، مع ضم ما تيسر عقله من الفوائد والشوارد" (١).

وطريقته في هذا الكتاب: أنه رتبه على ترتيب أصْلَيه: "المقنع" و"التنقيح" في الكتب والأبواب والفصول، إلّا أنه أخلاها من العناوين، فتراه يعقد الكتاب أو الباب أو الفصل، عارياً عن الترجمة، إلّا أنه يأتي بالكملة الأولى من النص على أنها تمثل العنوان والمفتاح، ثم ينسقها مع ما يليها، فيقول مثلاً: كتاب: الطهارةُ ارتفاع حدث وما في معناه ... إلخ. باب: المياهُ ثلاثة طهور يرفع الحدث ... إلخ. فصل: سننُ وضوءٍ استقبالُ قبلة وسواك ... إلخ.

ثم إنه يورد الفروع في مواضعها بسبك عجيب، وتأليف بارع، في وضوح عبارة، وسهولة أسلوب، كما هو منهج تلميذه موسى الحجاوي في كتابه "الإقناع".

ونلاحظ، عند المقارنة مع "المقنع"، أنه زاد عليه زيادات وافرة وتفصيلات مفيدة، حتى كأنه شرح له، فلا شك أنه استوعبه مع "التنقيح" وزاد عليهما، إلا أنه حذف ما رآه مستغنى عنه أو مرجوحاً.

وفي الجملة: تبرز أهمية "المنتهى" كنظيره "الإقناع" في كونه استودع خلاصة الفقه الحنبلي منذ منتصف القرن العاشر إلى الآن، في جمع الفروع وترتيبها، وتحريرها، وتصحيحها، وِتخليصها من الخلاف إلى أبعد الحدود.

وتظهر أهمية هذا المتن من جهة أخرى في مرآة التقاريظ التي سجلت


(١) معونة أولي النُّهي في شرح المنتهى ١/ ١٥٤.