للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ونوقش:

المعروف من حديث الزهري أنه روى تأمين الرسول صلى الله عليه وسلم مرسلًا (١)، وتأمين الإمام مسندًا بلفظ: (إذا أمن الإمام -وفي رواية القارئ- فأمنوا .... ) متفق عليه، وسبق تخريجه، وليس فيه كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول آمين.

* وأجيب:

بأن الاحتجاج بالمرسل مختلف فيه، وهو حجة عند الجمهور وحجة عند الشافعي إذا اعتضد، وقد اعتضد بحديث وائل بن حجر، وهو حديث صحيح، وسبق تخريجه.

وكل خطاب خاطب فيه الرسول صلى الله عليه وسلم أمته فهو داخل فيه، وما شرع للإمام في الصلاة شرع ذلك في حق الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو الإمام المطلق، إلا بدليل يخرج الرسول صلى الله عليه وسلم من هذا العموم.

الدليل السادس:

(ح-١٤٣٦) ما رواه الإمام أحمد، قال: حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا عاصم،

عن أبي عثمان، قال: قال بلال: يا رسول الله لا تسبقني بآمين (٢).

[مرسل، على اختلاف في إسناده، وقد رجح أبو حاتم والدارقطني وابن


= أخبرني الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أمن القارئ فأمنوا، فإن الملائكة تؤمن، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه.
ورواية الزبيدي نص في أن الملائكة تؤمن على دعاء الإمام ففيه اتحاد التأمين على دعاء واحد، وحديث أبي سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة ليس فيه إلا أنه وعد من وافق تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه، فيحتمل أن يكون التأمين على وجه الاستقلال ويحتمل أنه تأمين على دعاء واحد، وهو الأقرب، وسوف أتعرض له بالبحث إن شاء الله تعالى.
والخلاصة أن حديث الزهري مسندٌ من حديث أبي هريرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول آمين لم يثبت، والمحفوظ عن الزهري عن الرسول صلى الله عليه وسلم مرسلًا، وأما السنة القولية عن الزهري بتأمين الإمام، لا تأمين الرسول صلى الله عليه وسلم فمحفوظ بلفظ: (إذا أمن الإمام، وفي رواية: القارئ فأمنوا ... ) متفق عليه، وأوامر الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته داخل فيها بالعموم إلا بدليل، وهي من مباحث أصول الفقه، والله أعلم.

(١). روى مالك في الموطأ (١/ ٨٧)، ومن طريق مالك أخرجه البخاري (٧٨٠)، ومسلم (٧٢ - ٤١٠).
وعبد الرزاق في المصنف (٢٦٣٢) عن معمر، كلاهما، عن ابن شهاب، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: آمين. وهذا مرسل.
(٢). المسند (٦/ ١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>