[المبحث السادس في استحباب كثرة الخطا في الذهاب للصلاة]
الفرع الأول في اختيار المسجد الأبعد طلبَا لكثرة الخطا
المدخل إلى المسألة:
• المشي إن كان إلى العبادة كان وسيلة، وإن كان فيها فهو مقصود كالمشي في الطواف والسعي، وهذا أفضل من الركوب بالاتفاق، وقيل: المشي واجب.
• إقامة الصلاة جماعة في المسجد غاية مقصودة، والمشي والركوب وسيلة إلى ذلك.
• الوسائل نوعان: وسيلة لغيرها، وهي مقصود بنفسها كالوضوء، ووسيلة ليست مقصودة بذاتها، كإمرار المُحْرِم الأقرع الموسى على رأسه للتحلل، والمشي إلى الصلاة أشبه بالنوع الثاني؛ لأن المشي وحده ليس قربة.
• الأصل في المشي الإباحة، فإن كان إلى عبادة كان مطلوبًا، وإن كان إلى مباح كان مباحًا، وإن كان إلى حرام كان حرامًا، فليس المشي مقصودًا في نفسه.
• مقاصد التشريع تحقيق المصالح ودفع المفاسد، فإن تبع ذلك مشقة فهي ليست مقصودة؛ وإن أثيب عليها؛ لأن المشقة من أسباب الترخص، لا التكليف.
• التفاوت في الأجر مبني على تفاوت المصالح، لا على تفاوت المشاق.
• ليس للمكلف أن يقصد المشقة في التكليف نظرًا إلى عظم الأجر، فلا يتقصد الحج ماشيًا، وكذا سائر العبادات، وله أن يقصد العمل الذي يعظم أجره لعظم مشقته من حيث هو عمل، فإن قصد المشقة فقد خالف قصد الشارع؛ لأن الشارع لم يقصد بالتكليف المشقة.
• لما كان بعد الدار عن المسجد مظنة لترك الجماعة كانت كتابة الخطا ترغيبًا في تحصيلها، ولا يعني هذا أن بُعْدَ الدار مقصودٌ لذاته من أجل تكثير الخطا.