للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال النووي: «إن كانت الصلاة سرية أَسَرَّ الإمام وغيره بالتأمين تبعًا للقراءة، وإن كانت جهرية، وجهر بالقراءة استحب للمأموم الجهر بالتأمين بلا خلاف نص عليه الشافعي، واتفق الأصحاب عليه» (١).

وقد سبق تحرير الخلاف في قراءة المأموم خلف الإمام في الصلاة السرية، ومناقشة الحنفية، فأغنى ذلك عن إعادتها.

وأما تأمين المأموم في الصلاة السرية على قراءة إمامه، كما لو سمع منه قول: ولا الضالين، سواء أكان ذلك لقربه من الإمام، أم لجهر الإمام بالقراءة خطأ، ففيها قولان، هما قولان في مذهب الحنفية والمالكية.

فقيل: يؤمن، وهو ظاهر الكتاب عند الحنفية، وأرجح القولين في مذهب المالكية.

وقيل: لا يؤمن؛ لأن هذا الجهر غير مشروع، فلا عبرة به (٢).

قال ابن نجيم: «اختلفوا في تأمين المأموم، إذا كان الإمام في السرية، وسمع المأموم تأمينه، منهم من قال: يقوله هو، كما هو ظاهر الكتاب.

ومنهم من قال: لا؛ لأن ذلك الجهر لا عبرة به ... وقد علم مما ذكرنا أن المأموم لا يقولها إلا إذا سمع قراءة الإمام، لا مطلقًا، فليس هو كالإمام مطلقًا» (٣).

يقصد أن المأموم لما كان لا يقرأ خلف الإمام مطلقًا لم يشرع له التأمين إلا إذا سمع قول الإمام يقرأ (ولا الضالين).


(١). المجموع شرح المهذب (٣/ ٣٧١).
(٢). البحر الرائق (١/ ٣٣١)، حاشية ابن عابدين (١/ ٤٩٢، ٤٩٣)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (١/ ١١٣)، الدر المختار شرح تنوير الأبصار (ص: ٦٨)، كنز الدقائق (ص: ١٦٣)، بدائع الصنائع (١/ ٢٠٧)، مراقي الفلاح (ص: ١٠٦)، مجمع الأنهر (١/ ٩٦).
وأما مذهب المالكية فيشرع للمأموم التأمين في السرية عند فراغه من قراءة نفسه، وعلى قراءة إمامه إن سمع قول إمامه {ولا الضالين}، فإن لم يسمعه فقولان: أشهرهما لا يؤمن على قراءة إمامه؛ لأن التأمين إجابة، وهي فرع السماع. انظر في مذهب المالكية: الموطأ (١/ ٨٧، ٨٨)، الذخيرة للقرافي (٢/ ٢٢٣)، الخرشي (١/ ٢٨٢)، حاشية الدسوقي (١/ ٢٤٨)، الشرح الصغير مع حاشية الصاوي (١/ ٣٢٦، ٣٢٧)، منح الجليل (١/ ٢٥٩)، شرح الزرقاني على خليل (١/ ٣٧٣)، التفريع (١/ ٧٠).
(٣). البحر الرائق (١/ ٣٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>