للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا أمر بالصلاة.

وفي رواية للبخاري: فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (١).

وهذا نهي عن الجلوس، والمأمورات لا تسقط بالترك حتى تفعل، والجلوس قبل الصلاة منهي عنه، والمنهيات إذا فعلت فكأنها لم تفعل؛ لأنها ملغاة شرعًا فلا يزال يخاطب بها حتى يصليها، وأما إذا تعمد الترك فالخلاف في فعله مبني على حكم تحية المسجد، فالجمهور على الكراهة، وقيل: يحرم، وسوف أبحثها إن شاء الله في فصل مستقل إن شاء الله تعالى.

وطول الفصل مؤثر في التفريق بين أجزاء العبادة الواحدة مما ينبني بعضها على بعض كالصلاة والوضوء، فإذا طال الفصل لم يمكن البناء، وأما العبادة إذا لم يفعلها أصلًا فيبقى مخاطبًا بها حتى يفعلها.

القول الثاني:

قال النووي والعراقي: «أطلق أصحابنا فواتها بالجلوس» (٢).

وقال الزركشي في القواعد: «وكذلك تحية المسجد تفوت بالجلوس ناسيًا مع أنها من المأمورات» (٣).

• وجه هذا القول:

يرى أصحاب هذا القول أن تحية المسجد من النوافل المؤقتة، ووقتها فعلها قبل أن يجلس؛ لظاهر حديث أبي قتادة، (فلا يجلس حتى يصلي)، فإذا جلس كانت تحية المسجد من جنس النوافل التي تفوت بفوات وقتها، فلا تقضى؛ لعدم الدليل على القضاء، وقاسه بعض الشافعية على فرع عندهم في فروع الحج في مسألة الإحرام لدخول الحرم، فإنهم قالوا: إن من دخله بغير إحرام لا يقضيه، بل فاته بمجرد الدخول كما تفوت التحية بالجلوس.


(١). صحيح البخاري (٢/ ٥٧).
(٢). المجموع (٤/ ٥٣)، روضة الطالبين (١/ ٣٣٣)، تحفة المحتاج (٤/ ٦٨)، نهاية المحتاج (٣/ ٢٧٧)، طرح التثريب (٣/ ١٨٩)، شرح النووي على صحيح مسلم (٦/ ١٦٤).
(٣). المنثور في القواعد الفقهية (٣/ ٢٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>