للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيما أسر فيه، ولا يقرأ خلفه فيما جهر فيه» (١).

(ح-١٤٧٠) واستدلوا بما رواه مالك في الموطأ، عن ابن شهاب، عن ابن أكيمة الليثي،

عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة، فقال: هل قرأ معي منكم أحد آنفًا؟ فقال رجل: نعم. أنا يا رسول الله قال، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إني أقول ما لي أنازع القرآن؟ فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيما جهر فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالقراءة، حين سمعوا ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢).

[صحيح إلا أن قوله: (فانتهى الناس عن القراءة ... ) إلخ مدرج من قول الزهري، قاله أحمد، والبخاري والذهلي، وأبو داود، وجماعة] (٣).

وجه الاستدلال:

فقوله: (مالي أنازع القرآن)؟ فإذا أسر المأموم القراءة فقد انتفت العلة.

ولمفهوم قوله: (فانتهى الناس عن القراءة فيما جهر فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) فدل على أنهم لم ينتهوا عن القراءة في السر.

ولأن المأمور بالاستماع والإنصات هو من يسمع القرآن دون من لم يسمع، قال تعال: {وَإِذَا قُرِاءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون} [الأعراف: ٢٠٤] فالمأموم إما مستمع وإما قارئ، ولا يتعبد بسكوت لا استماع معه.

وقال الحنفية: لا يقرأ خلف الإمام مطلقًا، وبه قال أشهب وابن وهب وابن حبيب من المالكية (٤).

وأدلة الحنفية على التحريم هي أدلتهم نفسها في تحريم قراءة الفاتحة خلف الإمام، وقد سبق ذكرها، فإذا حَرُمَت الفاتحة على المأموم حَرُمَ غيرها من باب أولى.


(١). المنتقى للباجي (١/ ١٥٩).
(٢). الموطأ (١/ ٨٦).
(٣). سبق تخريجه، انظر (ح ١٤٠١).
(٤). فتح القدير (١/ ٣٣٨)، إكمال المعلم (٢/ ٢٧٨)، شرح التلقين (١/ ٥٩٤)، المنتقى للباجي (١/ ١٥٩)، شرح ابن ناجي التنوخي على الرسالة (١/ ١٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>