للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القراءة ومخالفة الركعتين الأوليين للأخريين، واختصاص كل قسم بما ذكر، والحديث رواه البخاري ومسلم، فهو أقوى مما يخالفه من جهة الإسناد، وأقوى من حيث الدلالة فهو نص في دلالته، غير محتمل، فينبغي أن يكون مثله قاطعًا للخلاف.

قال ابن دقيق العيد: «وقد يستدل بهذا الحديث على اختصاص القراءة بالأوليين، فإنه ظاهر الحديث، حيث فرق بين الأوليين والأخريين بما ذكر من قراءة السورة، وعدم قراءتها.

وقد يحتمل غير ذلك؛ لاحتمال اللفظ لأن يكون أراد تخصيص الأوليين بالقراءة الموصوفة بهذه الصفة، أعني التطويل في الأولى، والتقصير في الثانية» (١).

ولا يظهر لي هذا الاحتمال لأن التطويل والتقصير نص عليه أبو قتادة في الحديث، وخَصَّ ذلك في إطالة الركعة الأولى عن الثانية فقط، فانتفى حمل النفي في الأخريين على التطويل والتقصير، واختصاص التفاوت في الأوليين يعني أن الركعتين الثالثة والرابعة لا مجال للتفاوت بينهما في الطول والقصر؛ لأن القراءة فيهما مقصورة على الفاتحة فقط؛ ولأن التفاوت يأتي في الأوليين بسبب أن قراءة ما زاد على الفاتحة فيهما لم تتعين بسورة معينة بخلاف الأخريين.

* وأجيب عن هذا الحديث بجوابين:

الجواب الأول:

أن إطالة الركعة الأولى ليس راجعًا لطول القراءة.

قال ابن حجر: «وقال من استحب استواءهما: إنما طالت الأولى بدعاء الافتتاح والتعوذ، وأما في القراءة فهما سواء» (٢).

قال ابن الملقن: «وفي هذا الحمل ضعف؛ لأن السياق للقراءة» (٣).

الجواب الثاني:

قال بعض الشافعية في الجمع بين حديثي التطويل والتسوية: إن الإمام يطول في الأولى إن كان ينتظر أحدًا، وإلا سوَّى بين الأوليين.


(١). إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (١/ ٢٦٦).
(٢). فتح الباري (٢/ ٢٤٤).
(٣). الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (٣/ ١٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>