على أن تحية المسجد مؤقتة بوقت، ووقت فعلها قبل أن يجلس، فإذا جلس فقد فاتت، إلا أن هذا القول رأى أن الفاصل إذا كان يسيرًا أمكن تداركه في العبادة، كما أن التفريق بين أعضاء الوضوء لا يؤثر فيه الفارق اليسير، والبناء على الصلاة إذا انصرف الإمام يظن تمام صلاته، ثم نُبِّه على سهوه كان له أن يبني إذا كان الفاصل يسيرًا، وحتى يخرجوا من إلزام حديث جابر في أمر النبي صلى الله عليه وسلم سليكًا أن يصلي تحية المسجد بعد أن جلس.
• الراجح:
الخلاف قوي، ويحتمل أن يكون سبب تحية المسجد الجلوس، لقوله:(فلا يجلس) ويحتمل أن يكون سببها دخول المسجد لقوله: (إذا دخل أحدكم المسجد .. )، ويكون ذكر الجلوس إن كان مقصودًا فهو للمبادرة بها، وعدم تأخيرها والانشغال عنها، لا شرطًا للأمر بها، وقد يقال: ذكر الجلوس وصف أغلبي لا مفهوم له، ولو قيل: إن تحية المسجد سببها المكث في المسجد، فمن مكث في المسجد، ولو قائمًا فعليه أن يصلي ركعتين، باعتبار أن الجلوس فرد من أفراد المكث في المسجد، فيلحق به ما كان في معناه، وليس المجتاز في معنى المكث، فالمجتاز مروه يسير، ونكون نظرنا إلى لفظ الجلوس في حديث أبي قتادة لا من حيث اللفظ، ولكن من حيث المعنى، فالجلوس مكث، والقيام الطويل مكث، وكلاهما يستدعي تحية المسجد، بخلاف المجتاز، فليس في معناهما، والله أعلم.