للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليكون موافقًا لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبقية أصحابه» (١).

وقال أحمد كما في رواية الأثرم: «إن شاء قاله، قال: ولا تدري أكان ذلك من أبي بكر قراءة أو دعاء» (٢).

(ث-٣٦٧) وروى الطحاوي من طريق يزيد بن هارون، أخبرني محمد بن راشد،

عن مكحول، قال: والله ما كانت قراءة، ولكنها كانت دعاء (٣).

* ويناقش:

القول بأنه نوى بذلك الدعاء أمرٌ لا يمكن الوقوف عليه؛ لأن الوقوف على نية الفاعل لا يمكن العلم بها إلا من جهته، ولم يَأْتِ نص من أبي بكر يبين أنه نوى القنوت ولم يَنْوِ القراءة، فالكلام فيها من الرجم بالغيب، والمقام مقام قراءة، والمتْلُوُّ قرآن، فالأصل أنه يحمل على القراءة حتى يتبين العكس.

والقنوت من الإمام لا يكون سرًّا في الصلاة، بل يجهر به؛ من أجل تأمين المصلين، كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقنت في النوازل جهرًا.

الجواب الثاني:

قوله: (وسنة الخلفاء الراشدين) أي لا يتصور سنة للخلفاء الراشدين إلا في أمر لم يحفظ فيه سنة للرسول - صلى الله عليه وسلم -، فما سن فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - سنة، فليس لهم فضلًا عن غيرهم، ولا ينبغي أن يكون لهم سنة مخالفة، وإلا لما كانوا راشدين مهديين، لهذا كان من الشرط المتفق عليه للعمل بالموقوف ألا يعارض مرفوعًا، ولا يخالفه غيره من الصحابة، وهذا الشرط لا يتحقق في هذا الأثر:

فهو معارض للسنة المتفق عليها من حديث أبي قتادة رضي الله عنه.

قال ابن قدامة: «ولو قُدِّرَ أنه -يعني أبا بكر- قصد بذلك القراءة، فليس بموجب ترك حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وفعله» (٤).


(١). المغني (١/ ٤١٢).
(٢). فتح الباري لابن رجب (٧/ ٨٠).
(٣). مشكل الآثار (١٢/ ٥٥)، وهو في مصنف عبد الرزاق (٢٦٩٩).
(٤). المغني (١/ ٤١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>