وأبو روح قد ذكره ابن قانع في الصحابة اعتمادًا على هذه الرواية، والأصح أنه ليس صحابيًّا، وروايته عن التابعين، وإذا كان كذلك كان قوله: (أنه صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ... ) وهمًا. وقيل: عن عبد الملك بن عمير، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ في الفجر يوم الجمعة بسورة الروم. رواه عبد الرزاق في المصنف (٢٧٣٠)، ومن طريقه المستغفري في فضائل القرآن (٨٤٧). هذه الطرق مختلفة، فتارة يرويه عبد الملك عن شبيب عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. وتارة يرويه عبد الملك عن شبيب أنه صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم -. وتارة عن عبد الملك بن عمير أن النبي - صلى الله عليه وسلم -. فإن كان هناك ترجيح فرواية الثوري ورواية شعبة الموافقة له من رواية محمد بن جعفر عنه، هي أقوى طرق هذا الحديث. وإلا فالأقرب أن الحديث قد اضطرب فيه عبد الملك بن عمير. وشبيب أبو روح قد روى له أحمد وأبو داود والنسائي، وقد روى عنه حريز بن عثمان، وقد قال أبو داود: شيوخ حريز بن عثمان كلهم ثقات، فإن كان يمكن الاعتماد على مثل هذا التوثيق العام كان ذلك توثيقًا لشبيب، وإن كان يمكن أن يحمل كلام أبي داود في الجملة، أو في شيوخه قد أكثر الرواية عنهم، فليس له كبير حديث عن شبيب، ولم أقف له إلا على حديث واحد، وهو حديث: (الإيمان يمان، والحكمة يمانية). وقد ذكره البخاري في التاريخ الكبير (٢٦٢١) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا. وذكره ابن خلفون في الثقات، ووثقه ابن حجر في التقريب. وقال أبو الحسن القطان عن شبيب في كتابه الوهم والإيهام (٥/ ٣١): «رجل لا يعرف له حال، وغاية ما رفع به من قدره أنه روى عنه شعبة وعبد الملك بن عمير». ولم أقف له على رواية يرويها عنه شعبة، ولم يذكر أحد شعبة من تلاميذه، فلعله قصد أنه روى شعبة عن عبد الملك بن عمير عنه، وعلى كل حال، فإن نجا الحديث من شبيب، ولا إخاله، فإن الحمل فيه على عبد الملك بن عمير فقد اضطرب فيه كما رأيت، فالحديث ضعيف.
(١). رواه البخاري (٦٩٤) من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة مرفوعًا.