للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه الاستدلال:

قال الحافظ ابن حجر: «قوله: (باضطراب لحيته) فيه الحكم بالدليل؛ لأنهم حكموا باضطراب لحيته على قراءته، لكن لابد من قرينة تعين القراءة دون الذكر والدعاء مثلًا؛ لأن اضطراب اللحية يحصل بكل منهما، وكأنهم نظَّروه بالصلاة الجهرية؛ لأن ذلك المحل هو محل القراءة، لا الذكر والدعاء، وإذا انضم إلى ذلك قول أبي قتادة: (كان يسمعنا الآية أحيانًا) قوي الاستدلال» (١).

قال ابن رجب في شرح البخاري: «قوله: (كان يسمعنا الآية أحيانًا) ظاهره: أنه كان يقصد ذلك، وقد يكون فعَلَه ليعلِّمهم أنه يقرأ في الظهر والعصر، فإنه حصل لبعضهم شكٌّ في ذلك كما تقدم، وقد يكون فعله ليعلمهم هذه السورة المعينة، كما روي ذلك عن أنس وغيره، أو ليبيِّن جواز الجهر في قراءة النهار، وأن الصلاة لا تبطل به.

وقالت طائفة من العلماء: «لم يكن إسماعهم الآية أحيانًا عن قصد، إنما كان يقع اتفاقًا عن غير قصد؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ لنفسه سرًّا، فربما استغرق في تدبر ما يقرؤه، أو لعله كان يقصد تحقيق القراءة، فيقع سماع قراءته للآية أحيانًا لذلك من غير أن يتعمد إسماعهم، أو أن يكون وقع الإسماع منه على وجه السهو؛ وفي هذا نظر.

قال الشافعي: لا نرى بأسًا أن يتعمد الرجل الجهر بالشيء من القرآن؛ ليعلم من خلفه أنه يقرأ» (٢).

وهي مسألة خلافية، لعلي أفرد لها مبحثًا مستقلًّا إن شاء الله تعالى.

(ث-٤١٦) وقد روى مسلم في صحيحه من طريق ابن جريج، عن عطاء، قال:

قال أبو هريرة: في كل الصلاة يقرأ، فما أسمَعَنَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسمَعَنَاكم،


(١). فتح الباري (٢/ ٢٤٥).
(٢). فتح الباري لابن رجب (٧/ ٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>