للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا الحديث ليس فيه النهي عن القراءة، وإنما يفهم منه النهي عن الجهر بالقراءة خلف الإمام.

وقد روى أبو داود الطيالسي، وعمرو بن مرزوق ومحمد بن كثير العبدي، وشبابة عن شعبة، عن قتادة، عن زرارة، عن عمران بن حصين به، زاد في آخره: قال شعبة: فقلت لقتادة: كأنه كرهه، فقال: لو كرهه لنهى عنه (١).

قال البيهقي: إن كان كره النبي - صلى الله عليه وسلم - من قراءته شيئًا فإنما كره جهره بالقراءة خلف الإمام، ألا تراه قال: أيكم قرأ بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}؟ فلولا أنه رفع صوته بقراءة هذه السورة؛ وإلا لم يسمِّ له ما قرأ، ونحن نكره للمأموم رفع الصوت بالقراءة خلف الإمام، فأما أن يترك أصل القراءة فلا» (٢).

وقال ابن عبد البر في التمهيد: «ليس في هذا الحديث دليل على كراهية ذلك (يعني: القراءة خلف الإمام في السرية)؛ لأنه لو كرهه لنهى عنه، وإنما كره رفع صوت الرجل بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} في صلاةٍ سُنَّتُها الإسرارُ بالقراءة» (٣).

وقال النووي عن قوله: (خالجنيها): «أي نازعنيها، ومعنى هذا الكلام الإنكار عليه، والإنكار في جهره، أو رفع صوته بحيث أسمع غيره، لا عن أصل القراءة، بل فيه أنهم كانوا يقرؤون في الصلاة السرية، وفيه إثبات قراءة السورة في الظهر للإمام والمأموم» (٤).

* * *


(١). سبق تخريج هذه الطرق في المجلد السابق، في مسألة: (قراءة المأموم فاتحة الكتاب).
(٢). القراءة خلف الإمام للبيهقي (ص: ١٦٦).
(٣). التمهيد (١١/ ٥٢).
(٤). شرح النووي على صحيح مسلم (٤/ ١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>