الفريضة، كالصلاة على الراحلة فإنه - صلى الله عليه وسلم - لما فعل ذلك في النافلة، قال الراوي: غير أنه لا يفعل ذلك في الفريضة، ولولا هذا الاستثناء لكان عموم الفعل في الصلاة يشمل الفريضة والنافلة؛ لأنهما عبادتان من جنس واحد، فما صح في إحداهما صح في الأخرى إلا بدليل.
* دليل من قال: يستحب في النافلة ويكره في الفريضة:
حديث حذيفة إنما ورد في صلاة الليل، فمقتضى الاتباع الصحيح الوقوف عند الوارد، وعدم التوسع فيه بالقياس والرأي، فإنه لو كان ذلك مشروعًا في الفرائض أيضًا لفعله - صلى الله عليه وسلم -، ولو فعله لنقل، بل لكان نقله أولى من نقل ذلك في النوافل كما لا يخفى، وما تركه النبي - صلى الله عليه وسلم - فالسنة تركه، فالترك من النبي - صلى الله عليه وسلم - سنة كالفعل، فلا نتجاوز ما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ولأن القراءة في النفل يسن فيها التطويل، فإذا سأل عند آية الرحمة واستعاذ عند آية العذاب كان ذلك أحضر لقلبه، وأبلغ في التدبر بخلاف الفريضة فالسنة فيها التخفيف خاصة في الجماعة، والله أعلم.
* دليل من قال: يجوز في الفريضة، ويستحب في النافلة:
استدل شيخنا على ترك الفعل في الفريضة بأنه ليس مستحبًّا فيها.
فإن قال قائل: إذا كان كذلك فلماذا لا تكرهون فعله كما كرهه بعض أهل العلم في صلاة الفرض؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: صلوا كما رأيتموني أصلي؟ فإذا تركه في الفريضة فاتركوه.
فالجواب: أن ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - له لا يدل على تحريمه؛ لأنه لم يَنْهَ عنه في الفريضة، والدعاء من جنس الذكر لا يبطل فعله الصلاة، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح، والتكبير، وقراءة القرآن.
لهذا نقول لا يستحب فعله في الفريضة، وفعله جائز ما لم يشق ذلك على المأمومين، وأما في النفل فهو مستحب، ولعل هذا القول هو أقواها، والله أعلم.