للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد انتقد ذلك ابن العربي المالكي، فقال: إن ضبط الأمر على سبع قراءات ليس له أصل في الشريعة، وقد جمع قوم ثماني قراءات، وقد جمع آخرون: عشر قراءات، والأصل في ذلك كله عندي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قال: أنزل القرآن على سبعة أحرف. انقسم الحال بقوم، فظن جاهلون أنها سبع قراءات، وهذا ما لا يصح في علم عالم، وتيمن آخرون بهذا اللفظ، فقالوا: تعالوا فلنجمع سبع قراءات، وكانت الأمصار جمة، وقد جمع قراؤها وقراءاتها حتى خطر هذا الخاطر، فجمع السبع، وهو ابن مجاهد .... إلخ (١).

يقول ابن تيمية: «لم يتنازع علماء الإسلام المتبوعون من السلف والأئمة في أنه لا يتعين أن يقرأ بهذه القراءات المعينة في جميع أمصار المسلمين (يعني القراءات السبع)؛ بل من ثبت عنده قراءة الأعمش شيخ حمزة (هذا خارج القراء العشرة) أو قراءة يعقوب بن إسحاق الحضرمي (من القراء العشرة) ونحوهما كما ثبت عنده قراءة حمزة والكسائي فله أن يقرأ بها بلا نزاع بين العلماء المعتبرين المعدودين من أهل الإجماع والخلاف؛ بل أكثر العلماء الأئمة الذين أدركوا قراءة حمزة كسفيان بن عيينة، وأحمد بن حنبل، وبشر بن الحارث، وغيرهم يختارون قراءة أبي جعفر بن القَعْقَاعِ وَشَيْبَةَ بْنِ نِصَاحٍ المدنيين وقراءة البصريين كشيوخ يعقوب بن إسحاق وغيرهم على قراء حمزة والكسائي. وللعلماء الأئمة في ذلك من الكلام ما هو معروف عند العلماء؛ ولهذا كان أئمة أهل العراق الذين ثبتت عندهم قراءات العشرة أو الأحد عشر كثبوت هذه السبعة يجمعون ذلك في الكتب ويقرؤونه في الصلاة وخارج الصلاة وذلك متفق عليه بين العلماء لم ينكره أحد منهم.

وأما الذي ذكره القاضي عياض ومن نقل من كلامه من الإنكار على ابن شنبوذ الذي كان يقرأ بالشواذ في الصلاة في أثناء المائة الرابعة وجرت له قصة مشهورة فإنما كان ذلك في القراءات الشاذة الخارجة عن المصحف ... إلخ (٢).


(١). العواصم من القواصم (ص: ٣٦٠).
(٢). مجموع الفتاوى (١٣/ ٣٩٢، ٣٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>