للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاطع، وإن كانت آحادًا.

ولا تنس ما هو مقرر في علم الأثر من أن خبر الآحاد يفيد العلم إذا احتفت به قرينة توجب ذلك (١).

الرابع: نقل القراءة بطريق الآحاد لا يدل على عدم تواترها عن غيرهم، فلقد كان يتلقاه أهل كل بلد يقرؤه منهم الجم الغفير عن مثلهم، والتواتر حاصل بهم، ولكن الأئمة الذي تصدوا لضبط الحروف، وحفظوا شيوخهم منها، وجاء السند من جهتهم قد تكون آحادًا.

قال السخاوي: «ولا يقدح في تواتر القراءات السبع إذا أسندت من طريق الآحاد كما لو قلت: أخبرني فلان، عن فلان أنه رأى مدينة سمرقند (وقد علم وجودها بطريق التواتر) لم يقدح ذلك فيما سبق من العلم بها، فقراءة السبع كلها متواترة» (٢).

وجاء في الموسوعة القرآنية: «ليست القراءات كالحديث مخرجها كمخرجه إذا كان مدارها على واحد كانت آحادية- ليس الأمر كذلك- ولكنها إنما نسبت إلى ذلك الإمام اصطلاحًا، وإلا فأهل كل بلدة كانوا يقرؤونها، أخذوها أممًا عن أمم، ولو انفرد واحد بقراءة دون أهل العلم بالقراءات لم يوافقه على ذلك أحد، بل كانوا يجتنبونها ويأمرون باجتنابها» (٣).

الخامس: أن الاستفاضة والشهرة تقوم مقام التواتر.

فقد نقل ابن الجزري في النشر عن الإمام الكبير أبي شامة في مرشده أنه قال: «قد شاع عن ألسنة جماعة من المقرئين المتأخرين وغيرهم من المقلدين: أن القراءات السبع كلها متواترة: أي كل فرد فرد مما روى عن هؤلاء السبعة، قالوا: والقطع بأنها منزلة من عند الله واجب، ونحن بهذا نقول، ولكن فيما اجتمعت على نقله عنهم الطرق، واتفقت عليه الفرق من غير نكير له، مع أنه شاع، واشتهر،


(١). مناهل العرفان في علوم القرآن (١/ ٤٢٧).
(٢). انظر تفسير القاسمي (١/ ١٩٠).
(٣). الموسوعة القرآنية المتخصصة (ص: ٣١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>