تفسد صلاته؛ لأنه أتى بفرض القراءة المجزئة، فالفساد لا يكون من قراءة الشاذ، بل من تركه القراءة المتواترة.
وقال بعض الحنابلة: إذا قرأ قراءة صحيحة فقد تحقق وجود الفرض المجزئ في صلاته، وشك في وجود المبطل؛ والأصل عدمه.
ولأن القراءة الشاذة تكون حينئذٍ بمنزلة الذكر في الصلاة، فلا تبطل به الصلاة، وهذا التعليل يلزم منه أن يدع من القراءة الشاذة ما يتعلق بالأخبار؛ لأنه لا يصدق عليه أنه من الأذكار، فيكون كالكلام في الصلاة، فيخشى منه إفساد الصلاة.
يقول قاضي خان في فتاويه:«ولو قرأ في صلاته ما ليس في مصحف الإمام نحو مصحف عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب رضي الله تعالى عنهما إن لم يكن معناه في مصحف الإمام، ولم يكن ذلك ذكرًا، لا تهليلًا تفسد صلاته؛ لأنه من كلام الناس، وإن كان معناه ما كان في مصحف الإمام تجوز صلاته في قياس قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى، ولا تجوز في قياس قول أبي يوسف رحمه الله أما عند أبي حنيفة فلأنه يُجَوِّزُ قراءة القرآن بأي لفظ كان ومحمد يُجَوِّزُ بلفظ العربية ولا يُجَوِّزُ بغيرها»(١).
* الراجح من الخلاف:
أن ما خالف المصحف العثماني مما صح سنده، ووافق العربية لا يقطع بقرآنيته، ولا نقطع بعدمها، فنثبته قراءة، ونستفيد منه بالأحكام والتفسير، ونحتاط للصلاة ركن الإسلام الأعظم بعد الشهادتين، فلا نصلي به، فإن صلى به أحد لم نتجرأ على بطلان صلاته بالشك،
أصل المسألة: أن القراءة الشاذة أهي مما نقطع بخطأ ناقلها لكونها تتوافر الدواعي على نقلها عادة أم لا نقطع بخطئه ولا نجزم بصوابه، فلو وافقت المصحف المجمع عليه لقبلت قراءة وقرآنًا حتى ولو لم تتواتر؛ لعدالة ناقلها، وموافقتها ما أجمع عليه من الصحابة، أما وقد خالفت الرسم، وكانت آحادًا فيتوقف في
(١). فتاوى قاضي خان (١/ ١٤٠، ١٤١)، وانظر: التقرير والتحبير على تحرير الكمال لابن الهمام (٢/ ٢١٣، ٢١٤).