للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه الاستدلال:

قوله - صلى الله عليه وسلم -، قال: (إذا كبروركع فكبروا ... وإذا كبر وسجد فكبروا واسجدوا)، فأمر بالتكبير، والأصل بالأمر الوجوب.

* ونوقش هذا الحديث:

بأن حديث أبي موسى أخص من الدعوى لأنه أمر للمؤتم فقط، فلا يستفاد منه وجوب التكبير على المنفرد، ولا على الإمام. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن المأموم لم يؤمر به ابتداء، وإنما سيق لبيان أن أفعاله تقع بعد فعل إمامه، لا قبله، ولا معه، ولهذا قال في الحديث: (فإن الإمام يركع قبلكم ويرفع قبلكم)، فكان الأمر بالتكبير غير مراد منه إلا ترتب فعله على فعل إمامه، فليس كما لو أمر بالتكبير على وجه الاستقلال، فلا يستفاد من هذه الصيغة الوجوب إلا إذا استفيد الوجوب من قوله في هذا الحديث: (وإذا قال: ولا الضالين فقولوا: آمين) من الأمر بالتأمين، فدلالة حديث أبي موسى هي دلالة حديث عائشة المتفق عليه: (إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا ... ) (١).

الدليل الثاني:

(ح-١٦١٧) ما رواه أبو داود من طريق إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن علي بن يحيى بن خلاد،

عن عمه، أن رجلًا دخل المسجد، فذكر نحوه، قال فيه: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إنه لا تتم صلاة لأحد من الناس حتى يتوضأ، فيضع الوضوء -يعني مواضعه- ثم يكبر، ويحمد الله جَلَّ وعَزَّ، ويثني عليه، ويقرأ بما تيسر من القرآن، ثم يقول: الله أكبر، ثم يركع حتى تطمئن مفاصله، ثم يقول: سمع الله لمن حمده حتى يستوي قائمًا، ثم يقول: الله أكبر، ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله، ثم يقول: الله أكبر، ويرفع رأسه حتى يستوي قاعدًا، ثم يقول: الله أكبر، ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله، ثم يرفع رأسه فيكبر، فإذا فعل ذلك فقد تمت صلاته (٢).


(١). صحيح البخاري (٦٨٨)، وصحيح مسلم (٨٢ - ٤١٢).
(٢). سنن أبي داود (٨٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>