للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدليل الثاني:

(ح-١٦٤٣) ما رواه البخاري من طريق محمد بن عمرو بن حلحلة،

عن محمد بن عمرو بن عطاء، أنه كان جالسًا مع نفر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذكرنا صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال أبو حميد الساعدي: أنا كنت أحفظكم لصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأيته إذا كبر جعل يديه حذاء منكبيه، وإذا ركع أَمْكَنَ يديه من ركبتيه، ثم هَصَرَ ظهره ... الحديث (١).

وجه الاستدلال:

قوله: (أَمْكَنَ يديه من ركبتيه): جاء في المغرب في ترتيب المعرب: مَكَّنَهُ من الشيء، وَأَمْكَنَهُ منه أقدره عليه، ومنه الحديث: ثم أمكن يديه من ركبتيه أي مكنهما من أخذهما والقبض عليهما» (٢).

وإنما كان مستحبًّا؛ لأنه نَقَلَ لنا فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - والأصل في أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - التعبدية أنها لا تدل بنفسها على الوجوب وإنما تدل على المشروعية.

وقولي: (لا تدل بنفسها)؛ لإخراج ما كان بيانًا للمجمل، فإن الفعل قد يستفاد منه الوجوب لكن ليس بنفسه، وإنما بغيره، كما لو كان بيانًا لمجمل واجب.

وقيدت الأفعال (بالتعبدية)؛ لإخراج ما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - بمقتضى الجبلة أو موافقة للأعراف والعادات، فالأصل في هذه الأفعال الإباحة، كالنوم، وأكل الطعام ولبس العمامة، والإزار، وكالامتناع عن بعض الأطعمة، كامتناعه عن الضب والبصل والثوم، ونحوها.

(ح-١٦٤٤) ورواه أحمد من طريق عبد الحميد بن جعفر، قال: حدثني محمد بن عطاء،

عن أبي حميد الساعدي، قال: سمعته وهو في عشرة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أحدهم أبو قتادة بن رِبْعِيٍّ، يقول: .... فذكر الحديث، وفيه: ... فإذا أراد أن يركع رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، ثم قال: الله أكبر، فركع، ثم


(١). صحيح البخاري (٨٢٨).
(٢). المغرب في ترتيب المعرب (ص: ٤٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>