للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} [السجدة: ١٥].

وجه الاستدلال:

دلت الآية أنه لا يؤمن بآيات الله إلا القوم الذين إذا ذكروا بآيات ربهم خروا سجدًا لله، وقالوا سبحان الله وبحمده.

* ونوقش:

بأن السجود المذكور في الآية يحتمل أكثر من معنى:

الأول: حقيقة السجود عند تلاوة الآيات، ويكون مطلق الآيات المذكورة في الآية لا يقصد به كل آيات الله وإنما عنى بالآيات آيات خاصة فيها ذكر السجود، ويكون معنى قوله: وسبحوا بحمد ربهم: أي قالوا: سبحان الله وبحمده.

وإذا حملت الآية على هذا المعنى كان فيها دليل على مسألتنا.

المعنى الثاني: يحتمل أن يراد بالسجود وذكر خرور الوجه كناية عن الخضوع لله، والانقياد له والاستسلام لحكمه، كما في قوله تعالى في الانشقاق: {فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُون (٢٠) وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُون} [الانشقاق: ٢١]، فليس المسلم فضلًا عن غيره مأمورًا بالسجود عند قراءة مطلق القرآن، فالمقصود بالسجود هنا: الخضوع لله، فيكون المعنى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا} يراد بالآيات البراهين والحجج ومنها القرآن {الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا} أي وعظوا بها {خَرُّوا سُجَّدًا} كناية عن الخضوع والانقياد، وتكون الآيات على إطلاقها ليس خاصًّا بآيات السجدة.

{وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} التسبيح في الآية: إما يراد به الصلاة، فيكون المعنى: أي صلوا حمدًا لربهم، قاله سفيان، وإطلاق التسبيح على الصلاة معروف في الكتاب والسنة، وقد مر معنا الاستشهاد على ذلك.

وإما يراد به تعظيم الله وتنزيهه عن كل ما لا يليق به من الشرك، والولد، وهذا أعم، اختاره بعض المفسرين، وعلى كلا التفسيرين لا يكون في الآية حجة على مشروعية صيغة خاصة في تسبيح السجود، والله أعلم.

الدليل الثاني:

قال تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُوم} [الطور: ٤٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>