للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقول ابن الملقن: «يحب الوتر في كل شيء، أي سواء مما نص الشارع على استحباب إيتاره، أو لم يعلم فيه نص من الشارع، فقطعه على وتر محبوب.»

القول الثاني: حملوا حديث (إن الله وتر يحب الوتر) على محبة الوتر في أشياء استحب الشارع قطعها على وتر، ويكون العموم في الحديث نسبيًّا، وذلك مثل أكل التمرات حين الخروج إلى صلاة العيد، ومثله تغسيل الموتى: (اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك)، ومثله قطع الاستجمار على وتر، ومثله صلاة الوتر.

ويكون معنى محبة الله له: أنه أمر به، وأثاب على فعله، وما لم يرد في الشرع استحباب إيتاره فلا يتقصد فعله على وتر.

قال فضيلة الشيخ عبد الله البسام: «ليس المراد بقوله: (إن الله وتر يحب الوتر) أنه يقصد الإيتار في كل شيء، فلا يأكل إلا وترًا، ولا يشرب إلا وترًا، ولا يلبس إلا وترًا، لأن الإيتار من أمور العبادة، والعبادة تتوقف على ورود الشرع بها، فما ورد من العبادات وقصد الشارع أن يقطعه على وتر، فهذا القصد داخل في مسمى العبادة، كأكله تمرات وترًا عند ذهابه لصلاة عيد الفطر ... والشرع مبني على التوقيف، فلا يشرع منه إلا ما شرعه الله ورسوله» (١).

* دليل من قال: لا تقدير للتسبيح بعدد معين:

الدليل الأول:

المقادير تقوم على التوقيف، ولا يوجد في الشرع دليل يقضي باستحباب حَدٍّ معين لعدد التسبيح في الركوع والسجود، والاستحباب حكم شرعي يفتقر إلى دليل شرعي.

الدليل الثاني:

(ح-١٧٠٩) ما رواه مسلم من طريق سفيان بن عيينة، أخبرني سليمان بن سحيم، عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد، عن أبيه،

عن ابن عباس، قال: كشف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الستارة والناس صفوف خلف أبي بكر، فقال: أيها الناس، إنه لم يَبْقَ من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة،


(١). توضيح الأحكام من بلوغ ا لمرام (٢/ ٤٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>