صلاته: سمع الله لمن حمده، ويواظب على ذلك، ولم ينقل أنه أخل به ولو مرة واحدة لبيان الجواز.
فإن قيل: أفعال الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا تدل على الوجوب؟
فالجواب: أن دلالة الوجوب مركبة من أمرين:
أحدهما: المواظبة من النبي - صلى الله عليه وسلم - على هذا الفعل، ولم ينقل أنه أخل به ولو مرة واحدة.
الثاني: قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث مالك بن الحويرث:(صلوا كما رأيتموني أصلي)، فكان هذا الفعل بيانًا لهذا المجمل، فالأمر (صلوا) الأصل فيه الوجوب، والفعل إذا وقع بيانًا لمجمل أخذ حكم هذا المجمل.
• ونوقش:
سبق لي مناقشة صلاحية حديث مالك بن الحويرث على الاستدلال به على أن الأصل في جميع أفعال الصلاة الوجوب في مسألة حكم تكبيرات الانتقال ومنه التكبير للركوع فارجع إليه إن شئت.
وأما الاستدلال بالمواظبة على الوجوب فالمواظبة لا تكفي دليلًا على الوجوب، وإنما تدل على توكيد الاستحباب، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - واظب على أشياء كثيرة من السنن، ولم يكن ذلك دليلًا على وجوبها، كقراءة ما تيسر من القرآن في الركعة الأولى والثانية من الفرائض، ولم يكن ذلك دليلًا على وجوبها، وكما واظب على راتبة الفجر، وسنة الوتر، فلم يكن يدعهما حضرًا، ولا سفرًا، ولم يكن ذلك كافيًا للقول بوجوبهما.
• دليل من قال: بركنية قول سمع الله لمن حمده:
استدل ابن حزم بحديث رفاعة السابق، (إنه لا تتم صلاة لأحد من الناس حتى يتوضأ ... ثم يقول: سمع الله لمن حمده).
وإذا كانت الصلاة لا تصح بلا وضوء، فكذلك لا تصح من غير قول المصلي: سمع الله لمن حمده، إلا أن الوضوء لما كان متقدمًا على الصلاة اقتضى الحديث شرطيته، ولما كان التسميع جزءًا من الصلاة اقتضى الحديث ركنيته.