للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• وجه القول بالسقوط:

إما لأن السجود على هذه الأعضاء ليس بواجب أصلًا، فلو ترك السجود عليها في حال القدرة صح سجوده، ففي العجز من باب أولى، وهو قول الجمهور، وسبق بحث الخلاف في حكم السجود على غير الجبهة كالأنف واليدين والركبتين والقدمين، في المباحث السابقة، فانظر العزو إليها.

وأما وجه سقوط السجود عند القائلين بالوجوب وهم الحنابلة، وأحد القولين في مذهب المالكية والشافعية:

فهم يسقطون السجود على ذلك العضو؛ لتعذره بالعجز، فمن شرط التكليف القدرة، فلا واجب مع العجز، فما عجز عنه كله سقط كله، وما عجز عن بعضه سقط ما عجز عنه، ولزم القيام بالباقي، قال تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلَاّ وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦].

قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦].

(ح-١٨٨١) وروى البخاري من طريق مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج،

عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: ... إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم. ورواه مسلم (١).

ولأن السجود على الجبهة مقصود بنفسه، والسجود على بقية الأعضاء إنما وجب تبعًا لغيره على وجه التكميل واللواحق، فلا يسقط ما وجب قصدًا مع القدرة عليه بالعجز عما وجب من باب التكميل واللواحق، فالساجد على الوجه يسمى ساجدًا، ولو لم يضع يديه على الأرض، أو رفع قدميه أو إحداهما حال السجود، ولو وضع كل أعضاء السجود على الأرض غير وجهه لا يسمى ساجدًا.

ولأن كل ما كان جزءًا من العبادة، وهو مشروع في نفسه، فيجب فعله مع القدرة عليه عند تعذر فعل الجميع، والله أعلم (٢).

* * *


(١). صحيح البخاري (٧٢٨٨)، وصحيح مسلم (٤١٢ - ١٣٣٧).
(٢). نهاية المحتاج (١/ ٥١٢)، مغني المحتاج (١/ ٣٧٣)، حاشية الجمل (١/ ٣٧٦)،.

<<  <  ج: ص:  >  >>