للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن رجب: «هذه اللفظة -يعني الجلوس بعد السجدتين- قد اختلف فيها في حديث أبي هريرة هذا، فمن الرواة من ذكر أنه أمره بالجلوس بعد السجدتين، ومنهم من ذكر أنه أمره بالقيام بعدهما، وهذا هو الأشبه؛ فإن هذا الحديث لم يذكر أحد فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علمه شيئًا من سنن الصلاة المتفق عليها، فكيف يكون قد أمره بهذه الجلسة؟ هذا بعيد جدًّا، ثم وجدت البيهقي قد ذكر هذا، وذكر أن أبا أسامة اختلف عليه في ذكر هذه الجلسة الثانية بعد السجدتين. قال: والصحيح عنه أنه قال بعد ذكر السجدتين (ثم ارفع حتى تستوي قائمًا) (١).

• أجاب القائلون بعدم الاستحباب:

جلسة الاستراحة مترددة بين كون النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلها للحاجة، وبين كون النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلها على وجه التعبد، ومع التردد فالأصل عدم المشروعية، ويؤيد الاحتمال الأول أمران:

إحداهما: كون وفود العرب إنما وفدت على النبي - صلى الله عليه وسلم - في آخر عمره.

الثاني: كون أكثر الأحاديث التي وصفت صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - لم تذكر جلسة الاستراحة، وبأن أكابر الصحابة المختصين بالنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكونوا يفعلون ذلك في صلاتهم، فدل على أنهم علموا أن ذلك ليس بسنة (٢).

ولم تصح جلسة الاستراحة إلا من حديث مالك بن الحويرث.


= عيسى بن يونس، والحسن بن عيسى كما في صحيح ابن خزيمة (٤٥٤)،
وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، كما في حديث أبي الفضل الزهري (٣٠٢)،
وأنس بن عياض، كما في سنن أبي داود (٨٥٦)،
وعبد الرحيم بن سليمان وعقبة بن خالد كما في مستخرج أبي عوانة (١٥٨٤).
كما رواه يحيى بن سعيد القطان في البخاري (٧٥٧، ٧٩٣، ٦٢٥٢)، ومسلم (٤٥ - ٣٩٧) عن عبيد الله بن عمر، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، فزاد في إسناده أبا سعيد المقبري، ولم يذكر جلسة الاستراحة، فلا شك أن ذكر جلسة الاستراحة شاذة في الحديث، والوهم قد يكون من إسحاق بن منصور الراوي عن ابن نمير؛ لأن ابن أبي شيبة رواها عن ابن نمير، فلم يذكرها. والله أعلم.

(١). فتح الباري لابن رجب (٧/ ٢٨٥).
(٢). انظر: فتح الباري لابن رجب (٧/ ٢٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>