للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: التسليمة الأولى واجبة، والثانية سنة، وهو قول في مذهب الحنابلة، وهو رواية عن أحمد، اختارها ابن قدامة (١).

قال في المغني: «والواجب تسليمة واحدة، والثانية سنة ... وليس نص أحمد بصريح بوجوب التسليمتين، إنما قال: التسليمتان أصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحديث ابن مسعود وغيره أذهب إليه. ويجوز أن يذهب إليه في المشروعية والاستحباب دون الإيجاب كما ذهب إلى ذلك غيره وقد دل عليه قوله في رواية مهنا: أعجب إليَّ التسليمتان» (٢).

فخلص لنا من الخلاف كالتالي:

الخروج من الصلاة بلفظ السلام ركن من أركان الصلاة عند الجمهور، وقال الحنفية وأحمد في رواية رجحها ابن قدامة واجب.

واختلفوا في التسليمة الثانية.

فقيل: واجبة، وهو مذهب الحنفية.

وقيل: ركن في الفريضة دون النوافل والجنازة، وهو مذهب الحنابلة.

وقيل: سنة، وهو مذهب المالكية والشافعية وقول في مذهب الحنفية، وقول في مذهب الحنابلة.

والخلاف في المسألة راجع إلى مسألتين:

الأولى: قوله: (وتحليلها التسليم) التسليم أهو جزء من الصلاة، أم هو فعل منافٍ للصلاة، يخاطب به المصلي غيره بالسلام، فهو إطلاق من محظور: وهو المنع من الكلام. فإن قلنا: هو جزء من الصلاة تعين التسليم للخروج من الصلاة، وإن قلنا: إن التسليم إطلاق من محظور، وهو مخاطبة المصلين أو الملائكة بالسلام وقد كان الكلام ممنوعًا فتكلم المصلي بالسلام قاصدًا غيره؛ لكونه منافيًا للصلاة، ليخرج به من الصلاة، فإن ذلك يعني أن التسليم لا يتعين التسليم للخروج منها،


(١). المغني (١/ ٣٩٦)، شرح الزركشي على الخرقي (١/ ٥٩٤)، عمدة الحازم في الزوائد على مختصر أبي القاسم (ص: ٨١).
(٢). المغني لابن قدامة (١/ ٣٩٦، ٣٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>