للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا بمصر إنكار التسليمة الواحدة، ولا إنكار التسليمتين، بل ذلك عندهم معروف، وإن كان اختيار بعضهم فيه التسليمة الواحدة وبعضهم التسليمتين على حسب ما غلب على البلد من عمل أهله، إلا أن الأعم والأكثر بالمدينة التسليمة الواحدة، والأكثر والأشهر بالعراق التسليمتان: السلام عليكم ورحمة الله على اليمين، السلام عليكم ورحمة الله على اليسار» (١).

وقال في التمهيد:: «والقول عندي في التسليمة الواحدة وفي التسليمتين: أن ذلك كله صحيح بنقل من لا يجوز عليهم السهو ولا الغلط في مثل ذلك، معمولٌ به عملًا مستفيضًا بالحجاز التسليمة الواحدة، وبالعراق التسليمتان، وهذا مما يصح فيه الاحتجاج بالعمل؛ لتواتر النقل كافة عن كافة في ذلك، ومثله لا ينسى ولا مدخل فيه للوهم؛ لأنه مما يتكرر به العمل في كل يوم مرات، فصح أن ذلك من المباح والسعة والتخيير، كالأذان، وكالوضوء ثلاثًا واثنين وواحدة .... » (٢).

الدليل الثامن:

قال ابن المنذر في الإجماع: «وأجمعوا على أن صلاة من اقتصر على تسليمة واحدة جائزة» (٣).

ولابد من معرفة ماذا يقصد ابن المنذر بالإجماع، أيريد الأكثر، أم يريد الصدر الأول، ولا يعتبر بخلاف المتأخر، أم يريد الإجماع بمصطلح أهل الأصول، فالأخير لا يتحقق في كثير من الإجماعات التي ينقلها، ومنها هذه المسألة، فإن الحنفية يرون في الأصح أنها واجبة، ويرى الحنابلة التسليمة الثانية ركنًا، وإن أنكر ابن قدامة صحة هذا القول عن الإمام أحمد، والله أعلم.


(١). الاستذكار (١/ ٤٩١).
(٢). التمهيد (١٦/ ١٩٠).
(٣). الإجماع (ص: ٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>