النحو دليل على أن هذا التقييد لم يُبْنَ على نص من عند الشارع.
ومنها: إذا ثبت النهي عن النافلة بعد إقامة الصلاة فإن الأصل في النهي التحريم، ولا يصرف إلى الكراهة إلا بقرينة، والقول بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره بقطع النافلة لا يكفي لصرف النهي عن التحريم؛ لأن التحريم لا ينافي الصحة، فقد تكون الصلاة صحيحة مع التحريم؛ لأن النهي لا يعود لذات النافلة، وإنما لحضور الفريضة، وقد أنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم تنفله، وهذه قاعدة أخرى: في التفريق بين النهي إذا عاد إلى ذات الشيء وإذا عاد إلى أمر خارج.
وقد يقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره بقطعها؛ لأن التكليف مع العلم، وقد دخل الصحابي في النافلة جاهلًا فتركه النبي صلى الله عليه وسلم يتم النافلة، والأول أقوى.
ومنها: أن الوقت إذا تعين للفريضة لا يجوز الاشتغال عنه بالنافلة؛ والوقت يتعين بأحد أمرين: إما أن يضيق الوقت المتسع حتى لا يبقى من الوقت إلا مقدار الفريضة، فهذا لا يجوز له الاشتغال بالنافلة عن الفريضة بالإجماع.
الأمر الثاني: أن تقام الفريضة، والرجل في المسجد، فإن الوقت تعين بتعيين المكلف، فلا يجوز إذا تعين الوقت للفرض أن يزاحم بالنفل.
ومنها: إذا كان النهي عن النافلة إنما هو لأجل الفريضة، فإذا كان الاشتغال بالنافلة يلزم منه ترك القيام في الركعة الأولى مع القدرة عليه، وهو من أركان الصلاة بالاتفاق، ويلزم منه ترك قراءة الفاتحة في الركعة الأولى مع القدرة عليه، وهو ركن أو واجب فإن النافلة يجب أن يقطعها لِحَقِّ الفريضة، وإذا كان سيدرك من الفريضة مثل هذا القدر، فقطعُها أحبُّ إليَّ تعظيمًا لنهي الشارع، وإن أتمها فأرجو أنه لا حرج عليه.
ولا يصح أن يقال: إن هذا قول جديد، فإن هذا جزء من قَوْلَيْ المسألة، والله أعلم.