للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سووا صفوفكم، فإن تسوية الصف، من تمام الصلاة (١).

وجه الاستدلال بالحديث من وجهين:

الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتسوية الصفوف، والأصل في الأمر الوجوب.

الثاني: أن التام في أصل الوضع هو ما يقابل الناقص، يقال: ولد تام الخلق: أي غير ناقص، والنقص من الصلاة لا يجوز، فكذلك تسوية الصفوف.

• ويناقش:

بأن القرينة الصارفة عن الوجوب إلى الاستحباب قوله في حديث أبي هريرة (إقامة الصف من حسن الصلاة).

وأن التمام يأتي بمعنى الكمال، ويأتي بمعنى إتمامها عن النقص، وحديث أبي هريرة قرينة أنه أراد الأول، والله أعلم.

الدليل الثاني:

(ح-١١٧١) ما رواه البخاري ومسلم من طريق شعبة، قال: أخبرني عمرو بن مرة، قال: سمعت سالم بن أبي الجعد، قال:

سمعت النعمان بن بشير، يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لَتُسَوُّنَّ صفوفكم، أو ليخالِفَنَّ الله بين وجوهكم (٢).

وجه الاستدلال:

ورود الوعيد على تركه، وأنه سبب لاختلاف الجهات الدال على اختلاف القلوب وتنافرها دليل على أنه واجب؛ إذ المستحب لا عقوبة في تركه.

• وأجيب:

هذا الدليل من أقوى أدلة القائلين بالوجوب، وقد حاول ابن بطال أن يجيب عن هذا الدليل، فقال: «لما كان تسوية الصفوف من السنن المندوب إليها التي يستحق فاعلها المدح عليها، دل ذلك أن تاركها يستحق الذم والعتب» (٣).


(١). صحيح مسلم (٤٣٣).
(٢). صحيح البخاري (٧١٧)، وصحيح مسلم (٤٣٦).
(٣). شرح البخاري لابن بطال (٢/ ٣٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>