للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القيام وأتمها فيه صحت بلا خلاف، وإن ابتدأها في القيام، وأتمها حال انحطاطه بلا فصل بين أجزائه، ناويًا بها الإحرام ففيها قولان في مذهب مالك: الإجزاء بناء على أنه لا يجب على المسبوق أن يقف قدر تكبيرة الإحرام، وعدمه: بناء على وجوب ذلك (١).

وإن ابتدأها حال الانحطاط وأتمها فيه أو بعده، أو لم يكبر إلا وهو راكع، ولم يحصل شيء من تكبيره حال القيام، فلا يعتد بهذه الركعة، قاله ابن عطاء الله، والأصح انعقاد صلاته.

وإن نوى بها تكبيرة الركوع ناسيًا تكبيرة الإحرام تمادى مع الإمام وأعاد، وهو أحد القولين في مذهب المالكية (٢).


(١). قال خليل في مختصره (ص: ٣١): «فرائض الصلاة: تكبيرة الإحرام، وقيام لها إلا لمسبوق فتأويلان».
قال الدردير في الشرح الكبير (١/ ٢٣١) شارحًا عبارة خليل: «فلا يجزي إيقاعها -يعني التحريمة- جالسًا أو منحنيًا (إلا لمسبوق) ابتدأها حال قيامه، وأتمها حال الانحطاط، أو بعده بلا فصل كثير (فتأويلان) في الاعتداد بالركعة وعدمه .. ».
قال الدسوقي في حاشيته معلقًا على قوله: (فتأويلان) (١/ ٢٣١): «عج ومن تبعه (يقصد علي الأجهوري) جعلوا ثمرة هذين التأويلين ترجع للاعتداد بالركعة وعدمه مع الجزم بصحة الصلاة، وهو الذي يفهم مما في التوضيح عن ابن المواز ونحوه للمازري عنه.
وأما ح (يقصد: الحطاب) فجعل ثمرة التأويلين ترجع لصحة الصلاة وبطلانها، وهو الذي يتبادر من المؤلف، وكثير من الأئمة كأبي الحسن وغيره، لكن ما ذكره عج أقوى».
(٢). حاشية الدسوقي (١/ ٢٣١، ٣٤٨)، التاج والإكليل (٢/ ٢٠٦)، الخرشي (١/ ٢٦٤)، منح الجليل (١/ ٢٤٢)، المنتقى للباجي (١/ ١٤٤، ١٤٥)، النوادر والزيادات (١/ ٣٤٤، ٣٤٥)، أسهل المدارك (١/ ٢٨١)، المقدمات الممهدات (١/ ١٧٣)، التوضيح شرح مختصر ابن الحاجب (١/ ٤٨٥)، مواهب الجليل (٢/ ١٣٢، ١٣٣)، التمهيد لابن عبد البر (٧/ ٧٤)، مناهج التحصيل ونتائج لطائف التأويل في شرح المدونة (١/ ٢٣١).
وقد جمع وجوه الاختلاف محمد بن أحمد ميارة في الدر الثمين والمورد المعين (ص: ٣٩١)، فقال: إذا دخل المسبوق فوجد الإمام راكعًا فدخل معه، ولم يخص الإحرام بتكبيرة فله خمسة أوجه:
الأول: أن يدخل من غير تكبير أصلًا: أي لم يكبر، لا للركوع ولا للافتتاح حتى ركع الإمام ركعة، وركعها معه، ثم ذكر فإنه يبتدئ التكبير، ويكون الآن داخلًا في الصلاة، ويقضي ركعة بعد الإمام، ولا يعلم في هذا الوجه خلاف، إلا ماحكي عن مالك، أن الإمام يحمل عن ...
المأموم تكبيرة الإحرام كالفاتحة، وهي رواية شاذة.
الوجه الثاني: أن يكبر للركوع ناويًا بها الإحرام، قال في التهذيب: وإن ذكر مأموم أنه نسي تكبيرة الإحرام، قال: كبر للركوع، ونوى بها تكبيرة الإحرام، قال: أجزأته، وأشار بعض الشيوخ إلى تخريج هذه المسألة على من نوى بغسله الجنابة والجمعة، وهذا إذا أوقع التكبير في حال قيامه، واختلف: إذا كبر في حال انحطاطه، ونوى بذلك الإحرام على قولين بالإجزاء وعدمه، فالإجزاء: مبني على أنه لا يجب على المأموم أن يقف قدر تكبيرة الإحرام.
وعدمه: على وجوب ذلك عليه، أما إن لم يكبر، إلا وهو راكع، ولم يحصل شيء من تكبيره في حال القيام فلا إشكال أنه لا يعتد بهذه الركعة قاله ابن عطاء الله.

الوجه الثالث: أن يكبر للركوع غير ناوٍ لتكبيرة الإحرام، ناسيًا لها، فمذهب المدونة وهو المشهور أنه يتمادى مع الإمام، ولا يقطع، ويعيد صلاته احتياطًا؛ لأنها تجزئه عند ابن المسيب وابن شهاب، ولا تجزئه عند ربيعة، وهل تماديه وجوبًا أو استحبابًا قولان، وكذلك اختلف في الإعادة، هل على الوجوب، أو الندب، قولان ... وهل من شروط تماديه أن يكون كبر في حال القيام، أم لا؟ قولان. أما لو كبر للركوع وهو ذاكر للإحرام متعمدًا لما أجزأته صلاته بإجماع، قاله في المقدمات.
الوجه الرابع: إذا كبر ونوى الإحرام والركوع معًا، فقال في النكت: تجزئه كما لو اغتسل غسلًا واحدًا للجنابة والجمعة.
الوجه الخامس: أن يكبر ولا ينوي تكبيرة الإحرام، ولا الركوع، فقال ابن رشد في الأجوبة: صلاته مجزئة؛ لأن التكبيرة التي كبرها تنضم مع النية التي قام بها إلى الصلاة؛ إذ يجوز تقديم النية قبل الإحرام بيسير». اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>