للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتحصل من الخلاف بين أصحاب مالك:

إن لم يحصل شيء من التكبير حال القيام فلا يعتد بهذه الركعة، وأما انعقاد الصلاة فعلى قولين: أحدهما لا تنعقد، وفاقًا للجمهور.

والثاني: تنعقد الصلاة، ويقضي تلك الركعة.

وأما إذا ابتدأ التكبير حال القيام، وأتمه حال الهوي أو بعده إلى الركوع فالخلاف فيها على قولين أيضًا، أحدهما: لا تنعقد الصلاة فرضًا، وفاقًا للجمهور.

والثاني: تنعقد، ويعتد بتلك الركعة.

• دليل الجمهور على اشتراط القيام مطلقًا لتكبيرة الإحرام:

الدليل الأول:

أن تكبيرة الإحرام من فرائض الصلاة القولية التي لا تقبل إلا إذا فعلت في محلها، وهو القيام، فإن أتى بها أو ببعضها حال الركوع لم يجزه؛ لأنه أتى بها في غير محلها، فهو كما لو أتى بالتشهد حال القيام أو الركوع، أو قرأ الفاتحة مكان التشهد، فكل قول في الصلاة قيل في غير محله فكأنه لم يفعل.

قال ابن نجيم: « ... لأن الافتتاح لا يصح إلا في حالة القيام» (١).

الدليل الثاني:

أن التداخل بين تكبيرة الافتتاح وبين تكبيرة الركوع إذا قيل به، فإنما هو في دخول الأدنى تحت الأعلى، وليس العكس، فتكبيرة الافتتاح أعلى من تكبيرة الركوع، فهي ركن أو شرط، بخلاف تكبيرة الركوع فهي عند الجمهور من السنن، وعند الحنابلة من الواجبات، وعلى القولين فهي أدنى من تكبيرة الافتتاح، وهذا لا يجعل تكبيرة الركوع تقوم مقام الافتتاح؛ لأن الأدنى لا يقوم مقام الأعلى، فإذا نوى سنة مطلقة لم تتدخل معها الراتبة؛ لكون الراتبة أعلى منها، وإذا نوى الراتبة لم تتدخل معها الفريضة؛ لكون الفريضة أعلى من الراتبة، وإذا اشترطنا لسقوط تكبيرة الركوع أن يكبر بنية التحريمة، فإنما تصح التكبيرة إذا فعلت في محلها، وهو حد


(١). البحر الرائق (١/ ٣٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>