للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها عن المأموم، وكله خلاف المشهور» (١).

ولعل الإمام مالكاً لم يتبين له الصواب من الخلاف، فاعتبر الاحتياط من الجهتين، فلم يخرجه من الصلاة، وفي نفس الوقت أمره بالإعادة.

وقد روى أشهب عن مالك، أنه إذا نسي تكبيرة الإحرام خلف الإمام حتى صلى بعض صلاته، قال: أرى الاحتياط إعادة الصلاة، ولا أدري أذلك عليه أم لا؟ (٢).

فرواية ابن وهب وأشهب عن مالك تشعرك بأن الإمام لم يكن يجزم بالصواب من قولي ربيعة وسعيد بن المسيب.

وإذا علمت أن قول سعيد بن المسيب هو في الناسي دون المتعمد، ضاق الخلاف بين قول الإمام مالك والجمهور.

قال ابن رشد في المقدمات: ولو كبر للركوع، وهو ذاكر للإحرام متعمدًا لما أجزأته صلاته بإجماع (٣).

وقد سبق لك أن من قال: إن سعيد بن المسيب والزهري يقولان: إن تكبيرة الإحرام سنة، فلذلك حملها الإمام، قال ابن يونس في الجامع: ليس ذلك بصحيح، ولو كانت سنة لاستوى في نسيانها الإمام والفذ والمأموم، ولم يُبْطِل نسيانُها على أحد منهم صلاته (٤).

وقد انتقد ابن عبد البر رحمه الله اختلاف أصحاب الإمام مالك في هذه المسألة، قال في الاستذكار: «وقد اضطرب أصحابه في هذه المسألة اضطرابًا كثيرًا ينقض بعضه ما قد أصلوه في إيجاب تكبيرة الإحرام، ولم يختلفوا في وجوبها على المنفرد والإمام كما لم يختلفوا أن الإمام لا يحمل فرضًا من فروض الصلاة عمن خلفه، فقف على هذا كله من أصولهم يتبيَّن لك وجه الصواب إن شاء الله» (٥).


(١). التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة والمختلطة (١/ ١٤٩).
(٢). اختلاف أقوال مالك وأصحابه لابن عبد البر (ص: ١١٨).
(٣). المقدمات (١/ ١٧٢).
(٤). الجامع لابن يونس (٢/ ٤٦٩).
(٥). الاستذكار (١/ ٤٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>