متوجه لمن يمكنه إدراك الصلاة، ويخشى أن يفوته بعضها، فيقال له: لا تسرع، فما أدركت فَصَلِّ، وما فاتك فَأَتِمَّهُ. وأما إذا خشي أن تفوته الجمعة، أو تفوته الجماعة، ولا يمكنه تدارك جماعة أخرى فإنه لا يدخل في النهي.
• ويناقش:
بأن قوله:(ما أدركتم فصلوا ... وما فاتكم فأتموا)، لفظ (ما) في الجملتين من أسماء الشرط، وأسماء الشرط من ألفاظ العموم، فـ (ما أدركنا) عام يصدق على القليل والكثير، حتى لو أدرك الإمام في التشهد، فيقال له: امش وعليك السكينة والوقار فما أدركت فصل، وما فاتك فأتمه، ومن أدرك الإمام في التشهد فقد فاتته الجمعة والجماعة، فمن خص النهي عن الإسراع لمن يدرك ركعة من الصلاة فأكثر، فإن خشي أن يدرك أقل من ركعة كان مأمورًا بالإسراع من أجل إدراك الجمعة والجماعة فقد خص النص العام بلا مخصص.
• ويرد هذا الجواب:
أن قوله:(أدركتم) وقوله: (فاتكم) هذه حقائق شرعية، وليست حقائق لغوية، فالإدراك ليس هو مجرد اللحاق، فمن لحق الإمام بالتشهد فلم يدرك شيئًا من الصلاة، لأن الإدراك أطلق في مقابل الفوات، فأنت مأمور بالصلاة فيما أدركته منها، ومأمور بالإتمام لما فاتك شرعًا منها، وشرط إدراك الصلاة هو إدراك ركعة فأكثر، ولهذا من لحق بالإمام يوم الجمعة في التشهد لم يدرك الجمعة، وكذا الجماعة على الصحيح، فيكون الخطاب متوجهًا بالسكينة والوقار لرجل يصدق عليه أنه أدرك بعض الصلاة، وفاته بعضها، فيقال: ما أدركته فصله، فإذا فاتني الركوع فهذه الركعة لم أدركها، فلست مأمورًا بالدخول معه في السجود؛ لأني مأمور بصلاة ما أدركته مع الإمام شرعًا، وهذه الركعة قد فاتت، فالإدراك والفوات متقابلان، فيؤمر بصلاة ما أدركه، ولا يدركه إلا بإدراك الركوع، وإتمام ما فاته، فإذا خشي أن تفوته الصلاة لو لزم السكينة والوقار لم يكن مخاطبًا بقوله: فما أدركتم، وما فاتكم، فله أن يسرع، والله أعلم.
الدليل الثالث:
(ح-١٠٤٨) ما رواه أحمد، من طريق إسحاق الفزاري، عن ابن جريج قال: