للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو في الصلاة، وهذا لا يكون إلا بعد فوات تكبيرة الإحرام.

وفي حديث أبي هريرة: إذا سمعتم الإقامة فامشوا، والغالب على من مشى بعد سماع الإقامة أن تفوته التكبيرة الأولى، خاصة إذا لم يكن قريبًا من المسجد.

فكان النهي في هذين الحديثين متوجهًا في حق من فاتته تكبيرة الإحرام، ويخشى أن تفوته الركعة، لا في حق من طمع في إدراك تكبيرة الإحرام.

وفرق بين هذا الموضع وبين من يطمع في إدراك تكبيرة الافتتاح فقد جاء فضل عظيم فيمن يدرك حد الصلاة، وإدراك الحد: أن يدرك أولها، بأن يدرك الصلاة قبل تكبيرة الإمام؛ ليكون خلف الإمام إذا كبر للافتتاح، وهذا القدر لا ينجبر إذا فات؛ فإذا فاته حد الصلاة، فإنه قد أيس من إدراك الحد فإذا كان هذا المقصود العظيم الذي لا ينجبر فواته يحصل بإسراع يسير لم يكره ذلك بخلاف ما إذا فاتته الركعة فإنه يمكن أن يقضي ما فاته، فيكون داخلًا في عموم النهي عن الإسراع، بل هو المقصود من النهي؛ لأن الفوات إنما يكون بفوات الركعة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكرة لما أسرع لإدراك الركوع: زادك الله حرصًا ولا تَعُدْ.

وإذا جاز الإسراع لإدراك تكبيرة الافتتاح جاز الإسراع لإدراك الجمعة والجماعة إذا خشي فواتهما.

• ويناقش:

إذا كان السعي إلى الصلاة لا يجب إلا عند سماع الإقامة، فإن إدراك تكبيرة الافتتاح ليس واجبًا على المصلي، بل مندوب، وإذا تزاحم المندوب والمكروه، والأول ملحق بالأوامر، والثاني ملحق بالنواهي كان مراعاة النهي أولى من مراعاة الأمر.

(ح-١٠٤٩) لما رواه البخاري ومسلم من طريق أبي الزناد، عن الأعرج،

عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ... إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (١).

• دليل من قال: يسرع إذا خاف فوات الركعة:

هذا القول لا أعلم له دليلًا، بل هو مصادم لصريح النص في قوله: (ولا


(١). صحيح البخاري (٧٢٨٨)، وصحيح مسلم (١٣٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>