للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يعجزه، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها» (١).

وقال أيضًا: «الشريعة طافحة بأن الأفعال المأمور بها مشروطة بالاستطاعة والقدرة» (٢).

ومن السنة دليل عام وخاص:

(ح-١٢٠٦) أما العام فلما رواه البخاري من طريق مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج،

عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: .... إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فَائْتُوا منه ما استطعتم، ورواه مسلم (٣).

(ح-١٢٠٧) وأما الخاص فلما رواه البخاري من طريق إبراهيم بن طهمان، قال: حدثني الحسين المكتب، عن ابن بريدة،

عن عمران بن حصين رضي الله عنهما، قال: كانت بي بواسير، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة، فقال: صَلِّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جَنْبِ (٤).

فدل الحديث على أن القيام لا يسقط فرضه في صلاة الفريضة إلا بالعجز عنه، فإذا عجز عن القيام استقلالًا، وأمكنه القيام مستندًا أو متكئًا فهذا فرضه، فلا يجوز الانتقال عنه مع القدرة عليه؛ لأن القيام معتمدًا على شيء أقرب إلى فرضه الواجب عليه من الجلوس.

فإذا لم يطق الصلاة قائمًا مستندًا صلى قاعدًا استقلالًا؛ لحديث عمران السابق، ولأن الجلوس هيئة من هيئات الصلاة فلم يجز له تركه مع القدرة عليه كالقيام.

فإن عجز عن الجلوس استقلالًا، ففرضه الجلوس مستندًا، ولا يسقط فرض القعود إلا بالعجز عنه، فإذا عجز عنه صلى على جنبه، وسوف يأتينا إن شاء الله صفة صلاة أهل الأعذار.

وأما الدليل من الإجماع: فقال ابن بطال في شرح البخاري: «العلماء مجمعون


(١). مجموع الفتاوى (٢١/ ٦٣٤).
(٢). مجموع الفتاوى (٨/ ٤٣٨).
(٣). صحيح البخاري (٧٢٨٨)، وصحيح مسلم (١٣٠ - ١٣٣٧).
(٤). صحيح البخاري (١١١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>