للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى السماء عن القبلة، وكذلك من نكس رأسه إلى الأرض يكون قد التفت بوجهه عن القبلة إلى الأرض، مثله كما لو التفت بوجهه يمنة أو يسرة، لا يبطل الصلاة، ولكنه خلاف المشروع، فالمستحب أن يستقبل بوجهه وجسده الكعبة، فإن أقام رأسه وتكلف النظر ببعض بصره إلى الأرض ففي ذلك مشقة وحرج.

ويناقش:

بأن النظر إلى موضع السجود ليس فيه التفات عن القبلة، بدليل الركوع والسجود، فإن وجه المصلي لا يكون إلى القبلة، ولم يخرجه ذلك عن التوجه إليها، فكذلك لو صح النظر إلى موضع السجود لم يخرجه ذلك أن يكون متوجهًا إلى القبلة، وإنما العمدة فيه أنه لم يرد في النظر إلى موضع السجود شيء يمكن الاعتماد عليه، والله أعلم.

الدليل الثالث:

(ح-١٢٢٣) ما رواه البخاري من طريق فليح، قال: حدثنا هلال بن علي،

عن أنس بن مالك، قال: صلى لنا النبي صلى الله عليه وسلم، ثم رقي المنبر، فأشار بيديه قِبَلَ قِبْلَةِ المسجد، ثم قال: لقد رأيت الآن منذ صليت لكم الصلاة الجنة والنار مُمَثَّلَتَيْنِ في قِبْلَةِ هذا الجدار، فلم أر كاليوم في الخير والشر ثلاثًا (١).

فدل الحديث على أن نظر النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته كان إلى قبلة هذا الجدار، وما صح من الإمام صح من المنفرد والمأموم، ولو كان النظر إلى قبلة الجدار ينافي الخشوع أو كماله لم ينظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته، أو لَمُثِّل له ذلك في موضع سجوده بدلًا من أن يمثل له ذلك في قبلة الجدار.

الدليل الرابع:

(ح-١٢٢٤) روى مسلم في صحيحه من طريق أبي الأشهب، عن أبي نضرة العبدي،

عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في أصحابه تأخرًا، فقال لهم: تقدموا، فائتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم ... الحديث (٢).


(١). صحيح البخاري (٧٤٩).
(٢). صحيح مسلم (١٣٠ - ٤٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>