الراوي مُخْتَصًا به، فما ظنك بتفرد الضعفاء والمجاهيل.
يقول ابن رجب:«وأما أكثر الحفاظ المتقدمين، فإنهم يقولون في الحديث إذا تفرد به واحد، وإن لم يَرْوِ الثقات خلافه: إنه لا يتابع عليه، ويجعلون ذلك علة فيه، اللهم إلا أن يكون ممن كثر حفظه، واشتهرت عدالته وحديثه كالزهري ونحوه، وربما يستنكرون بعض تفردات الثقات الكبار أيضًا، ولهم في كل حديث نقد خاص، وليس لذلك ضابط يضبطه»(١).
الجواب الثاني: أن حديث كعب بن عجرة حديث مضطرب، فلو كان راويه ثقة، واضطرب فيه كان الحديث ضعيفًا، أما إذا كان الراوي ضعيفًا، واضطرب فيه فإن هذا يزيده وهنًا، وحديث كعب من هذا الضرب، وقد حصل الاضطراب في سنده، وفي متنه، ففي إسناده تارة يصله، وتارة يرسله، وتارة يجعله من مسند كعب، وتارة من مسند أبي هريرة، وتارة من مراسيل ابن المسيب، أو من مراسيل بعض أبناء كعب.
والاضطراب في متنه تارة يجعل الحديث في النهي عن التشبيك في الصلاة، وتارة يجعل النهي في حق الماشي للصلاة، وثالثةً يجعل النهي في منتظر الصلاة، ومثل هذا اضطراب شديد، كما أن الاعتبار مشروط بألا يعارضه ما هو أصح منه، فلو عارض الحديث الصحيح ما هو أصح منه قدم الأصح على الصحيح، فأولى أن يقدم الصحيح على الحديث المضطرب وحديث المجهول.
الجواب الثالث: أن المعروف في حديث كعب أن النص المرفوع منه في النهي عن تشبيك الأصابع في الصلاة، وأما التشبيك في أثناء السعي للصلاة فهو ما فهمه الصحابي باجتهاده بإعطاء حكم الساعي للصلاة حكم المصلي، ومثل هذا يدخله الاجتهاد، والله أعلم.
• دليل من قال: لا يكره تشبيك الأصابع:
الدليل الأول:
الكراهة حكم شرعي، لا يثبت إلا بدليل شرعي، والأصل عدم الكراهة.
(١). شرع علل الترمذي ت همام بن عبد الرحيم (٢/ ٥٨٢).