قال: فسئل عنها؟ قال: همزه موتة الجنون، وأما نفثه فالشعر، وأما نفخه فالكبر. وبهذا أعله أبو داود في سننه، فقال بعد أن أخرجه: «وهذا الحديث يقولون: هو عن علي بن علي، عن الحسن مرسلًا، الوهم من جعفر». فيكون جعفر بن سليمان أخطأ فيه مرتين: في وصله وفي جعله من حديث أبي المتوكل، عن أبي سعيد الخدري، وإنما هو عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا. وقال ابن رجب في فتح الباري (٦/ ٤٣٠): وإنما تكلم أحمد في هذا الحديث؛ لأنه روي عن عليِّ بن علي، عن الحسن مرسلًا، وبذلك أعله أبو داود .... ». وقد رواه عن الحسن مرسلًا هشام بن حسان كما في مصنف عبد الرزاق (٢٥٧٢، ٢٥٧٣، ٢٥٨٠)، ومسند مسدد كما في المطالب العالية (٤٥٧). وعمران بن مسلم كما في مراسيل أبي داود (٣٢). وأما حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، فله ثلاثة طرق: الطريق الأول: الحسين بن الأسود، عن محمد بن الصلت، عن أبي خالد الأحمر، عن حميد، عن أنس رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة كبر، ورفع يديه حتى يحاذي بإبهاميه أذنيه، ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك. وهذا الإسناد ضعيف جدًّا، قال فيه أبو حاتم: «هذا حديث كذب، لا أصل له، ومحمد بن الصلت لا بأس به.» اهـ فهل تعديله لمحمد بن الصلت يريد بذلك أن يجعل العهدة على الراوي عنه، أم أراد أنه أخطأ ولم يتعمد؟ محتمل، والأول أقرب. فالحمل فيه على الحسين بن الأسود، سئل أحمد عنه، فقال: لا أعرفه كما في التنقيح لابن عبد الهادي (٢/ ٧٩٢). وقال ابن عدي: يسرق الحديث، وأحاديثه لا يتابع عليها. وقال الآجري: سمعت أبا داود يقول: حسين بن أسود الكوفي، لا ألتفت إلى حكايته، أراها أوهامًا. قال ابن حجر معقبًا على رواية الآجري: وهذا مما يدل على أن أبا داود لم يَرْوِ عنه، فإنه لا يروي إلا عن ثقة عنده. وانظر حاشية تهذيب الكمال لزامًا (٦/ ٣٩٣). وقال ابن المواق: رمي بالكذب، وسرقة الحديث. وقال الأزدي: ضعيف جدًّا، يتكلمون في حديثه. وقال أبو حاتم: صدوق. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: ربما أخطأ. =