للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجوب الاستفتاح، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتركه أحيانًا ليبين أنه غير واجب، وقد استدل به إسحاق على أن الاستفتاح غير واجب، والله أعلم (١).

والوجه الأول أقوى؛ لأن الترك لبيان الجواز يكون عارضًا، وحديث أنس لو حمل على ظاهره لدَلَّ على استمرار العمل بالترك من زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلى زمن الخليفة عثمان رضي الله عنه، فكان حمل النفي على افتتاح القراءة أولى، وهو ما رواه أصحاب قتادة عنه، عن أنس رضي الله عنه، والله أعلم.

الدليل الرابع:

(ح-١٢٩٤) ما رواه مالك في الموطأ عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب،

أن أبا سعيد، مولى عامر بن كريز، أخبره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نادى أُبَيَّ بن كعب وهو يصلي، فلما فرغ من صلاته لحقه، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على يده. وهو يريد أن يخرج من باب المسجد. فقال: إني لأرجو أن لا تخرج من المسجد حتى تعلم سورة، ما أنزل الله في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في القرآن مثلها، قال أُبَيٌّ فجعلت أبطئ في المشي رجاء ذلك. ثم قلت: يا رسول الله السورة التي وعدتني، قال: كيف تقرأ إذا افتتحت الصلاة؟ قال: فقرأت {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِين} [الفاتحة: ١]، حتى أتيت على آخرها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي هذه السورة وهي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أعطيت (٢).

[هذا مرسل واختلف فيه على العلاء، فتارة يرويه العلاء نفسه عن النبي صلى الله عليه وسلم وتارة يرويه عن أبي سعيد مولى عامر بن كريز مرسلًا، وتارة يصله، والموصول، تارة عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، وتارة يسنده عن أبي بن كعب، والموصول ليس فيه موضع الشاهد] (٣).


(١). انظر فتح الباري لابن رجب (٦/ ٣٨٨).
(٢). الموطأ (١/ ٨٣).
(٣). الحديث روي من طريق العلاء بن عبد الرحمن، ومن طريق الأعرج.
أما طريق العلاء بن عبد الرحمن فقد اختلف عليه على خمسة وجوه:
فقيل: عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد مولى عامر بن كريز، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلًا. =

<<  <  ج: ص:  >  >>