للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فطر السموات والأرض حنيفًا، وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي، ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له، وبذلك أمرت. قال أكثرهم: وأنا أول المسلمين. قال ابن أبي رافع: وشككت أن يكون أحدهم قال: وأنا من المسلمين ... الحديث (١).

فكان ابن أبي رافع يشك في قوله: (وأنا من المسلمين).

(ث-٣٠١) و روى أبو داود، قال: حدثنا عمرو بن عثمان، حدثنا شريح بن يزيد، حدثني شعيب بن أبي حمزة، قال:

قال لي: محمد بن المنكدر، وابن أبي فروة، وغيرهما من فقهاء أهل المدينة: فإذا قلت أنت ذاك، فقل: (وأنا من المسلمين)، يعني قوله: (وأنا أول المسلمين) (٢).

فكان الرواة يستبدلون ذلك لاعتقادهم اختصاص ذلك بالنبي صلى الله عليه وسلم.

وإذا كان الرواة يتصرفون في الحديث بناء على الفقه، فالفقه غير معصوم.

وقال الشوكاني نقلًا من الانتصار: إن غير النبي صلى الله عليه وسلم إنما يقول: (وأنا من المسلمين)، وهو وَهْمٌ منشؤه توهم أن معنى: (وأنا أول المسلمين): أي أول شخص أتَّصَفَ بذلك بعد أن كان الناس بمعزل عنه، وليس كذلك، بل معناه: بيان المسارعة في الامتثال لما أمر به، ونظيره {قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِين} [الزخرف: ٨١]، وقال موسي: (وأنا أول المؤمنين).

وحتى لو حمل ذلك على الأولوية، فإننا نقول ذلك اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، حيث قالها كذلك، فغلب فيها جانب التعبد على مراعاة اللفظ.

كما نقول في التشهد بلفظ الخطاب: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، وليس ثم هناك من يخاطب في الصلاة، ولا يُنَاَجى إلا الله سبحانه وتعالى وحده، والله أعلم.

* * *


(١). (١/ ١٢٨).
(٢). سنن أبي داود (٧٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>