للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: يجب سجود السهو، وهو قول قديم للشافعية اختاره بعضهم، وقال به من ذهب إلى وجوب الاستفتاح، انظر من قال بوجوبه في مبحث حكم الاستفتاح.

قال النووي: «حكى جماعة من أصحابنا قولًا قديمًا أنه يسجد لترك كل مسنون ذكرًا كان أو فعلًا، ووجهه: أنه يسجد لنسيان تسبيح الركوع والسجود. قال النووي: وهما شاذان ضعيفان، والصحيح المشهور الذي قطع به المصنف والجمهور أنه لا يسجد لشيء منها غير الأبعاض» (١).

* دليل القول بالوجوب:

أما من قال: إن الافتتاح واجب، فحكمهم ظاهر؛ لأن ترك الواجب سهوًا يوجب سجود السهو، إلا أن القول بوجوب الافتتاح قول ضعيف، وقد ناقشته في مسألة حكم الاستفتاح، فارجع إليه.

وأما من قال: إنه سنة، فلعلهم قاسوا ذلك على سجود السهو لترك التشهد الأول، وذلك على القول بأنه سنة، وهي مسألة خلافية.

فمن رأى أن التشهد الأول سنة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم سجد لتركه سهوًا، قال بالسجود لترك كل سنة إذا تركها سهوًا، بخلاف من رأى أن التشهد الأول واجب، وسوف يأتينا إن شاء الله تعالى البحث في حكم التشهد الأول في مسألة مستقلة، وإن كان التشهد الأول مكونًا من ذكر وجلوس، بخلاف الافتتاح، فإن تركه لا يلزم منه ترك القيام، والذي هو ركن، والله أعلم.

وقيل: يباح سجود السهو لترك السنة، فإن تركه فصلاته صحيحة، وإن سجد فلا بأس، وهو المشهور من مذهب الحنابلة (٢).

جاء في كشاف القناع: «ولا يشرع السجود لترك سنة ولو قولية، كالاستفتاح والتعوذ؛ لأن السجود زيادة في الصلاة، فلا يشرع إلا بتوقيف، وإن سجد لترك سنة قولية، أو فعلية، فلا بأس به نصًّا» (٣).


(١). المجموع (٤/ ١٢٦)، وانظر روضة الطالبين (١/ ٢٩٨).
(٢). شرح منتهى الإرادات (١/ ٢٣٣)، مسائل أحمد وإسحاق (٢/ ٥٣٧)، المغني لابن قدامة (٢/ ٢٥)، الفروع ت فضيلة الشيخ عبد الله التركي (٢/ ٢٥١).
(٣). كشاف القناع (١/ ٣٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>