للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان له ثلاث سكتات، ولا أربع سكتات، فمن نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث سكتات، أو أربع، فقد قال قولًا لم ينقله عن أحد من المسلمين، والسكتة التي عقب قوله: {وَلَا الضَّالِّين} من جنس السكتات التي عند رؤوس الآي. ومثل هذا لا يسمى سكوتًا؛ ولهذا لم يقل أحد من العلماء: إنه يقرأ في مثل هذا» (١).

الجواب الثالث:

القول بالسكتة بمقدار قراءة الفاتحة بني على مسألة خلافية، وهي وجوب قراءة الفاتحة خلف الإمام في الصلاة الجهرية، فالجمهور على أن المأموم لا قراءة عليه، خلافًا للشافعية حيث ذهبوا إلى وجوب قراءة الفاتحة على المأموم مطلقًا في السرية والجهرية، وهو قول ضعيف، فكان من ثمرة هذا الترجيح لهذا القول الضعيف أَنْ رأوا استحباب سكوت الإمام بقدر قراءة الفاتحة في الجهرية، وما بني على الضعيف فهو ضعيف.

وعلى التسليم بصحة اختيار الشافعية فلا يلزم من القول بوجوب قراءة المأموم للفاتحة أن يستحب للإمام السكوت بقدر قراءة الفاتحة، وهو لا يُعْلَّم له أصلٌ في السنة، ولا في أقوال الصحابة (٢).

ولا يلزم من القول بمطلق السكوت بعد قراءة الفاتحة أن تكون السكتة بهذا المقدار؛ لأن المقادير الشرعية تحتاج إلى توقيف، ولما كان السكوت غير مشروع في الصلاة استحب الشافعية للإمام أن يشتغل بدعاء أو قراءة حال قراءة المأموم للفاتحة،

قال في تحفة المحتاج: «ويسن للإمام أن يسكت في الجهرية بقدر قراءة المأموم الفاتحة ... وأن يشتغل في هذه السكتة بدعاء، أو قراءة» (٣).

وهذه من ترقيعات القول الضعيف، فهذا الاستحباب لا يعلم له أصل في السنة، والله أعلم.

الدليل الثاني:

(ح-١٣١٢) ما رواه البيهقي من طريق أبي بكر -يعني: الحنفي- أخبرنا


(١). مجموع الفتاوى (٢٣/ ٢٧٧).
(٢). انظر: مجموع الفتاوى (٢٣/ ٢٧٩)، الفتاوى الكبرى (٢/ ٢٩٤).
(٣). تحفة المحتاج (٢/ ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>