للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فما أجمع عليه أهل المدينة فهو مقدم على غيره من أخبار الآحاد؛ لأنهم إذا أجمعوا على شيء نقلًا، أو عملًا متصلًا فإن ذلك الأمر معلوم بالنقل المتواتر الذي يحصل به العلم، وينقطع العذر فيه، ويجب له ترك أخبار الآحاد؛ لأن المدينة بلدة جمعت من الصحابة من يقع العلم بخبرهم فيما أجمعوا على نقله مع قرب العهد.

* ويناقش:

بأن مذهب مالك الذي يبينه المحققون من أصحابه كأبي الوليد الباجي وغيره رحمهم الله أنه يرى الاحتجاج بعمل أهل المدينة فيما كان الأصل فيه النقل المستفيض، كنقلهم الصاع والمد وأنه عليه السلام كان يأخذ بذلك صدقاتهم وفطرتهم، وكالأذان والإقامة، وكالوقوف والأحباس، وكنقلهم موضع قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ومكان مسجده ومكان منبره، ولا يكون حجة فيما كان الأصل فيه الاجتهاد كهذه المسألة (١).

فهذا المالكية لا يرون سكوت الإمام للاستفتاح، وقد كان عمر بن الخطاب يستفتح في صلاته حتى جهر به في الفرض في مصلى النبي صلى الله عليه وسلم ليعلم غيره، كما سبق تخريجه، وعمل به الصحابة رضوان الله عليهم، ثم ترك العمل به في زمن الإمام مالك، فكان يَصِل التكبير بالقراءة من غير دعاء ولا سكوت، ولا تعوذ، فلو كان عمل أهل المدينة حجة لكان عملهم في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين كان فيهم كبار الصحابة أولى من اتباع العمل حين انقرض عصر الصحابة (٢).

الدليل الرابع:

أمران لا يشرعان في الصلاة، كلام الناس والسكوت المجرد الخالي من الذكر، أو من الاستماع والإنصات له.

(ح-١٣١٨) فقد روى مسلم من حديث معاوية بن الحكم السلمي، في قصة تشميته لأحد المصلين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له:


(١). انظر: إحكام الفصول للباجي (ص: ٤٨٠)، شرح تنقيح الفصول (ص: ٣٣٤)، تحفة المسؤول في شرح مختصر منتهى السول (٢/ ٢٥٠).
(٢). انظر أعلام الموقعين (٢/ ٢٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>