للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منبره، ولا يكون حجة فيما كان الأصل فيه الاجتهاد كهذه المسألة (١).

* دليل من قال: الاستعاذة مرة واحدة في عمره فرض:

هذا القول بناه صاحبه على أن الأصل في الأمر لا يقتضي التكرار، ومنه الأمر بالاستعاذة بالآية الكريمة، فإذا استعاذ مرة واحدة، ولو خارج الصلاة فقد امتثل الأمر.

* ويجاب عنه:

بأن الأمر لا يقتضي التكرار هذا إذا لم يكن معلقًا على شرط، أو مقيدًا بوصف، فإن علق على شرط كالأمر بالاستعاذة، أو قيد بوصف كقوله: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا}، [المائدة: ٣٨]، {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} [النور: ٢]، وكانت القراءة والسرقة علة للأمر، فمقتضاه التكرار بتكرر ما قيد به، والتكرار مستند إلى تكرار العلة، لا إلى الأمر نفسه (٢).

كقوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُوا} [المائدة: ٦].

وقوله صلى الله عليه وسلم: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول.

* الراجح:

أن التعوذ سنة، وهو مشروع من أجل القراءة، لا من أجل الصلاة، فإذا فاتت القراءة على المسبوق وأدرك مقدار التعوذ لم يتعوذ إلا أن يقرأ، ولو تركه متعمدًا لم تبطل صلاته حتى على القول بوجوبه؛ لأن وجوبه ليس مختصًّا بالصلاة، والله أعلم.

* * *


(١). انظر: إحكام الفصول للباجي (ص: ٤٨٠)، شرح تنقيح الفصول (ص: ٣٣٤)، تحفة المسؤول في شرح مختصر منتهى السول (٢/ ٢٥٠).
(٢). انظر الإحكام في أصول الأحكام للآمدي (٢/ ١٦١)، أصول السرخسي (١/ ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>