للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعيد جدًّا (١).

* ويمكن أن يجاب:

بأن الثواب أوسع، وقد يثاب على المباح، وبعض العبادات قد تحكم عليه بالإباحة من جهة جواز العمل، ولا يكون مندوبًا لكون النبي صلى الله عليه وسلم لم يعمله، كما في قصة الرجل الذي كان يختم قراءته بسورة الإخلاص، فمن جهة أنه مباح لإقرار الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يكون مندوبًا لكون النبي صلى الله عليه وسلم أكمل منه محبة لصفة الرحمن، ولم ينقل أنه كان يعمل ذلك، فلا تعارض.

هذه محصلة الأقوال في المسألة، والله أعلم، ونأتي بعد ذلك إلى أدلة القوم.

* دليل من قال بالاستحباب:

الدليل الأول:

لا يجب شيء من القرآن في الصلاة سوى الفاتحة على الصحيح، وقد ذكرنا في المسألة السابقة الأدلة على أن البسملة ليست آية من الفاتحة.

(ح-١٣٤٥) وأصرح الأدلة على عدم وجوب قراءة البسملة ما رواه مسلم من طريق سفيان بن عيينة، عن العلاء، عن أبيه،

عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: ... سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِين} [الفاتحة: ٢]، قال الله تعالى: حمدني عبدي .... الحديث (٢).

وجه الاستدلال:

أن الله سبحانه وتعالى قسم الفاتحة بينه وبين عبده ولم يدخل في القسمة البسملة، ولو كانت آية منها لدخلت، وإذا لم تكن آية من الفاتحة لم تجب قراءتها؛ لأن الواجب في الصلاة هو قراءة الفاتحة، فكان حديث أبي هريرة دليلًا على عدم وجوب قراءة البسملة، ونفي الوجوب لا يدل على نفي الاستحباب، وأما الدليل على استحباب قراءتها فانظر الأدلة التالية.


(١). انظر: حاشية الصاوي (١/ ٤).
(٢). صحيح مسلم (٣٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>