وخالف الأعمش حماد بن أبي سليمان، فرواه البيهقي في السنن الكبرى (٢/ ٥٣٣) من طريق حماد بن سلمة، عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم النخعي، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه صلى بالناس صلاة المغرب، فلم يقرأ شيئًا ... وذكر فيه: فأعاد عمر، وأعادوا. وهذا منقطع، والنخعي ليس له رواية عن أحد من الصحابة، والأعمش أحفظ من حماد بن أبي سليمان، وقد وصله الأعمش، عن إبراهيم، عن همام. الطريق الخامس: عبد الله بن حنظلة، عن عمر. ... ورواه عكرمة بن عمار اليمامي، عن ضمضم بن جوس الهفاني، عن عبد الله بن حنظلة بن الراهب، قال: صلى بنا عمر بن الخطاب، فنسي أن يقرأ في الركعة الأولى، فلما قام في الركعة الثانية قرأ بفاتحة الكتاب مرتين وسورتين، فلما قضى الصلاة سجد سجدتين. رواه عبد الرزاق في المصنف (٢٧٥١)، وابن أبي شيبة في المصنف (٤١٢٢) حدثنا وكيع، ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (١/ ٤٤١) من طريق عبد الرحمن بن زياد، عن شعبة، ورواه البيهقي في السنن الكبرى (٢/ ٥٣٥) من طريق أبي عتاب (سهل بن حماد) حدثنا شعبة، ورواه الحارث في مسنده كما في بغية الباحث (١٨٨)، والمطالب العالية (٦٦٩)، والبيهقي في السنن الكبرى (٢/ ٥٣٥) عن عاصم بن علي، كلهم عن عكرمه بن عمار به. قال البيهقي: وهذه الرواية على هذا الوجه تفرد بها عكرمة بن عمار، عن ضمضم بن جوس، وسائر الروايات أكثر وأشهر، وإن كان بعضها مرسلًا، والله أعلم. وعكرمة بن عمار فيه كلام، فلا يحتمل تفرده، والله أعلم. فتبين بهذا أن أبا سلمة روى ترك عمر للقراءة، وأنه لم يَرَ بذلك بأسًا. ورواه همام بن الحارث وزياد بن عياض وهذان لهما سماع من عمر رضي ا لله عنه. ورواه الشعبي والنخعي عن عمر بالإعادة أيضًا، وروايتهما منقطعة أيضًا. ورواه عبد الله بن حنظلة، عن عمر أنه ترك قراءة الفاتحة في الركعة الأولى، فقرأ الفاتحة مرتين في الركعة الثانية، وسجد للسهو، فالذي يظهر أن هذه الطرق تجعل للقصة أصلًا، وإن كان الاختلاف بينهما ظاهرًا، ففي بعضها أنه لم يَرَ بذلك بأسًا، وفي بعضها أنه أعاد، وفي بعضها: أنه عوض ذلك في الركعة الثانية، وسجد للسهو، وإذا طرحنا التفرد وأخذنا رواية الأكثر تكون الإعادة هي الأرجح والله أعلم. يقول ابن عبد البر في الاستذكار (١/ ٤٢٧): «وهذا حديث منكر، وقد ذكره مالك في الموطأ، وهو عند بعض رواته ليس عند يحيى وطائفة معه؛ لأنه رماه مالك من كتابه بآخرة، وقال: ليس عليه العمل؛ لأن النبي عليه السلام قال: (كل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج). وقال أبو عمر: وقد رُوِيَ عن عمر أنه أعاد تلك الصلاة، وهو الصحيح عنه. وروى يحيى بن يحيى النيسابوري، قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن إبراهيم النخعي عن همام بن الحارث، أن عمر نسي القراءة في المغرب، فأعاد الصلاة، وهو حديث متصل، وحديث مالك مرسل عن عمر، لا يصح، والإعادة عنه صحيحة، رواها عن عمر جماعة منهم همام، وعبد الله بن حنظلة، وزياد بن عياض، وكلهم لقي عمر، وسمع منه، وشهد القصة وروى الإعادة عن عمر أيضًا غيرهم .... إلخ».