للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- (ومنها): صيام أيام التشريق؛ فلا يصح تطوعًا بحال، والخلاف في صحة صومها فرضًا مبني على أن النهي هل يشمل الفرض أم يختص بالتطوع (١).


= عين هذه الأكوان هي مأمور بها ومنهي عنها؛ فإن هذا باطل قطعًا، بل عينها وإن كان منهيًّا عنها؛ فهي مشتملة على المأمور به، وليس ما اشتمل على المأمور به المطلق يكون مأمورًا به.
ثم يقال: ولو نهى عن الامتثال على وجه معين مثل أن يقال: صل ولا تصل في هذه البقعة، وخط هذا الثوب ولا تخطه في هذا البيت، فإذا صلى فيه وخاط فيه؛ فلا ريب أنه لم يأت بالمأمور به كما أمر، لكن هل يقال: أتى ببعض المأمور به أو بأصله دون وصفه؟ وهو مطلق الصلاة والخياطة دون وصف، أو مع منهي عنه بحيث يثاب على ذلك الفعل وإن لم يسقط الواجب أو يعاقب على المعصية، وقد تقدم القول في ذلك، وبينت أن الأمر كذلك (أي: يعاقب)، وهي تشبه مسألة صوم يوم العيد ونحوه مما يقول فيه أبو حنيفة بعدم الفساد".
قلت: وسيأتي كلام ابن تيمية أيضًا في الصلاة في الدار المغصوبة وبالماء المغصوب قريبًا إن شاء اللَّه.
(١) رجل صام أيام التشريق؛ فالنهي عائد إلى ذات العبادة متعلقًا بزمنها، فيكون كصوم يوم العبد فذا إذا كان تطوعًا؛ فلا يصح، وأما إنْ كان فرضًا كرجل عليه كفارة أو عليه قضاء رمضان؛ فينبني على الخلاف في النهي؛ هل هو للتطوع أم للعموم، والصحيح أن النهي عام؛ لحديث ابن عمر وعائشة رضي اللَّه عنهم، قالا: "لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي".
فهؤلاء يجوز لهم أن يصوموا أيام التشريق، ومن سواهم لا يجوز، وإنما جاز لهؤلاء للضرورة، لأن اللَّه قال: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٦]، ولو لم يصم القارن والمتمتع في هذه الأيام؛ لانتهى الحج قبل أن يصوموا. (ع).
قلت: والمثبت من نسخة (ب)، وفي المطبوع ونسخ (أ) و (ج): "التطوع".
وأثر عائشة وابن عمر رضي اللَّه عنهما أخرجه البخاري في "صحيحه" (رقم ١٩٩٧، =