للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مستقيم، وإن قال: أنت طالق، لا بل أنت طالق؛ هي واحدة، والفرق بينهما أن (بل) من حروف العطف إذا كان بعدها مفرد، وهي هنا كذلك؛ لأن اسم الفاعل من المفردات، وإن كان متحملًا (١) لضمير بدليل أنه يعرب والجمل لا تعرب، ولأنه لا يقع صلة، ولو كان جملة؛ لوقع صلة، وحينئذ؛ فيكون ما بعده معطوفًا على ما قبله، وقد أوقع قبله واحدة ثم عطف عليها أخرى؛ فتقع اثنتنان؛ كما لو أتى بواو العطف.

وهذا معنى قول أحمد: "هذا كلام مستقيم"، يعني أنه نسق [معطوف بعضه] (٢) على بعض؛ كسائر المعطوفات (٣) بالواو وثم ونحوهما، وأما قول النحويين: إن ما قبله يصير مسكوتًا عنه غير مثبت ولا منفي؛ فهذا (٤) فيما يقبل النفي بعد إثباته، والطلاق ليس كذلك؛ فتعين إثبات الأول وعطف الثانية عليه، وأما إذا قال: أنت طالق، لا بل أنت طالق؛ فقد صرح بنفي الأول، ثم أثبته بعد نفيه؛ فيكون المثبت هو المنفي بعينه، وهو الطلقة الأولى؛ فلا يقع به طلقة ثانية، وهو قريب من معنى الاستدراك، كأنه نسي أن الطلاق الموقع لا ينفي؛ فاستدرك وأثبته لئلا يتوهم السامع أن الطلاق قد ارتفع بنفيه؛ فهذا إعادة الأول (٥) لا استئناف طلاق.


(١) في (ج): "محتملًا".
(٢) في (ج): "معطوف بعظه"، وفي (ب): "معطوفة بعضه"، وفي المطبوع: "بعضه" فقط.
(٣) في المطبوع: "المعطوف".
(٤) في (ب): "وهذا".
(٥) في المطبوع و (ج): "للأول".